{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} إلينا؛ فضلاً من الله علينا (انظر آية ٤ من سورة القلم){وَالَّذِينَ مَعَهُ} من المؤمنين {أَشِدَّآءُ} غلاظ أقوياء {عَلَى الْكُفَّارِ} وليست الغلظة والشدة من صفاتهم؛ بل هم {رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ} يرحم كبيرهم صغيرهم، ويوقر صغيرهم كبيرهم {سِيمَاهُمْ} علامتهم {فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} هو نور الإيمان يلوح في وجه المصلي؛ فتراه كالبدر ليلة التمام - رغم رقة حاله، ورثاثة هيأته - فترى الزنجي الأسود - رغم فقره وقبحه - يتلألأ وجهه ضياء، ويزداد حسناً وبهاء؛ لملازمته الصلاة، وتذلله لمولاه وترى العاصي - رغم وجاهته وغناه - على وجهه غبرة، ترهقها قترة وما ذاك إلا لتركه الجماعة، وانصرافه عن الطاعة. ولا وجه لمن يقول: إن أثر السجود هو النكتة السوداء التي تحدث في وجوه البعض من أثر السجود على الحصير ونحوه؛ فمثل ذلك قد يحدث لكثير ممن يلازمون الصلاة، ويفرطون في جنب الله فكم من مصلٍ لا يأتمر بمعروف، ولا ينتهي عن منكر وكم من مصل يلغ في أعراض المؤمنين، ولا يتقي رب العالمين وكل هؤلاء لهم في جباههم من آثار السجود كركبة البعير أو أشد؛ وهم أبعد الناس عن مغفرةالله، وعن جنة الله {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} أي ذلك الوصف المذكور صفتهم {فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ} صفتهم {فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} فراخه وورقه. يقال: أشطأ الزرع: إذا أفرخ {فَآزَرَهُ} قواه وأعانه {فَاسْتَغْلَظَ} غلظ وقوى {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} استقام على أصوله. وهذا مثل ضربه الله
⦗٦٣٣⦘ تعالى للإيمان؛ حيث بدأ ضعيفاً، ثم قوي. عن عكرمة «أخرج شطأه» بأبي بكر «فآزره» بعمر «فاستغلظ» بعثمان «فاستوى على سوقه» بعلي؛ رضوان الله تعالى عليهم {يُعْجِبُ} هذا الزرع {الزُّرَّاعَ} وهم أصحاب محمد؛ الذين نصروا الدين ونشروه، وأيدوا دعوة الله باللسان والسنان {لِيَغِيظَ} الله تعالى {بِهِمُ الْكُفَّارَ} ويكبتهم.