{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} أين ربنا؟ وهل يسمع لدعائنا، ويستجيب لندائنا؟ {فَإِنِّي قَرِيبٌ} منهم؛ أسمع نجواهم وشكواهم، و {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ورب قائل يقول: إنني أسأله في كل يوم فلا يعطيني، وأناديه في كل ساعة فلا يجيبني. والجواب على هذا القائل: إنك أيها السائل لم تسأل ربك بل امتحنته، ولم تناده بل سخرت منه؛ ولو أنك ناديته بحق لأجابك، وسألته بصدق لاستجاب لك
إن من شرائط السؤال - أيها الممتحن لربه، الساخر بقدرته - أن تتيقن بإجابته تيقنك بوجودك، وأن تثق بما عنده وثوقك بنفسك: تسأل صديقك - الذليل الحقير الضعيف الفقير - أن يعطيك شيئاً؛ وأنت على تمام الوثوق، ومزيد اليقين بإجابة سؤالك، وتدعو ربك - المعطي المانع، الضار النافع - أن يهبك أحقر الأشياء؛ وأنت من الإجابة آيس، ومن عطائه قانط فما ترجوه بعد هذا الكفران؟ تؤمن
⦗٣٤⦘ بصديقك أكثر ما تؤمن بربك، وترجو إجابة سؤالك ودعائك؛ هيهات هيهات أن يجاب لك؛ قبل أن تحسن ظنك به، وتثق بما عنده، وتعبده كأنك تراه، وتخشاه كأنه يراك (انظر آية ٦٠ من سورة غافر){فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي} إذا دعوتهم لما يصلحهم وينجيهم؛ لأجيبهم فيما يطلبونه مني
ومن هذا يعلم أن الإيمان والعمل الصالح: شرط في قبول الدعاء {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} يصيبون الرشد والسداد، ويوفقون لما يجعلهم مجابي الدعاء، عظيمي الرجاء