«قل» يا محمد {لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ} بوحدانيتي ورسالتك {يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ} يؤدوها في أوقاتها {وَيُنْفِقُواْ} على الفقراء {مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ} بفضلنا؛ لا بكدهم وجهدهم؛ فكم من ساع - يتصبب عرقه، وينهال دمعه ودمه - في سبيل العيش؛ فلا يحصل على قوت يومه. وكم من قاعد أثقلته النعمة؛ والأرزاق عليه تترى من حيث لا يحتسب. وكم من مناد على سلعته؛ حتى جف لسانه، ونضب ريقه؛ فما تزداد سلعته بندائه إلا بواراً، ولا يزداد بتعبه إلا خساراً وكم من جالس على أريكته، لا يعلن عن بضاعته، ولا يدعو إليها، ولا يطنب في مدحها والمشترون من حوله كالذباب يحومون حول بضاعته المزجاة، ويتسابقون في شرائها، ويتزاحمون على اقتنائها. ومن هنا يصدق قول الحكيم العليم:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} فكيف لا تنفق مما رزقك مولاك أيها المسكين؟ {سِرّاً} إذا كان في ذلك كبحاً لجماح غرورك وطرداً لشيطان ريائك، وستراً للفقير، وحفظاً لماء وجهه {وَعَلاَنِيَةً} إذا كان في ذلك تعليماً للمنفقين، وحثاً للممسكين وحذار - رحمك الله - من الرياء والإيذاء؛ فـ «قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى»{مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ} هو يوم القيامة {لاَّ بَيْعٌ فِيهِ}
كحال الدنيا: بيع وشراء، وأخذ وعطاء. فليراع الله تعالى في بيعه وشرائه لينفعه ذلك في يوم جزائه {وَلاَ خِلاَلٌ} ولا صداقة. فليراع في الدنيا من يصادق؛ فلا يخالل فيها إلا في الله ولله أو المراد «لا بيع فيه» لا عدل ولا فدية؛ فلا يستطيع المذنب أن يستبدل ذنبه، أو يفتدي نفسه بملء الأرض ذهباً «ولا خلال» أي ولا صديق ينفع في ذلك اليوم، أو يدفع عذاب الله تعالى