بالتعطيل، وألا إله في الكون أصلاً والدين الإسلامي - في مظهره وجوهره - ليس في حاجة إلى نظام أو منظمين؛ فقد نظمه خالق الكون ومدبره، وهو وحده العالم بما يصلح عباده ويكفل إسعادهم. وهو جل شأنه بامتحانه لهم بضروب من الغنى والفقر، والسعة والضيق: إنما يؤهلهم بهذا الاختبار إلى حياة أخرى دائمة السعادة والخير لمن أحسن، والشقاء والبؤس لمن أساء {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً}{وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ} فالابتلاء والاختبار: أساس عظيم في تقدير استحقاق من يدخل الجنة؛ ممن يدخل النار. فإذا ما تعادلت الاحتياجات، وتساوت الأقدار - كما يزعم الشيوعيون ومن يدور في فلكهم - فقد سقط الامتحان الذي أراده الله تعالى لعباده، وأعدهم لاجتيازه وتنطوي هذه النظم التي يزعمونها على ظلم فادح لكلا النوعين؛ فقد أصبح الغني فقيراً؛ وهو قبل ذاك مكلف بالشكر على ما آتاهالله، والإنفاق منه وأضحى الفقير مرذولاً؛ وقد كان قبل ذاك مكلفاً بالصبر على فقره، مشكوراً مأجوراً عليه
وما حاجة الفقراء إلى النظم البشرية؛ وقد صيرهم الله تعالى جميعاً أغنياء بنظمه المحكمة الربانية فإذا ما فسد نظام المسلمين؛ بالبخل، والشح، والانصراف عن الله تعالى وأوامره: فليس ذلك عيباً في الدين، وإنما هو عيب القائمين بالأمر فيهم
لقد رتب الدين الحنيف حقوقاً للفقراء؛ حتى صيرهم أغنى من الأغنياء: لقد جعل إطعامهم قربى تقرب إلى مغفرته، والإحسان إليهم حسنى تدني من رحمته
ولو أنّ إنساناً تخير ملة
ما اختار إلا دينك الفقراء
أما هذه النظم التي يدعون إليها، ويحاربون من أجلها: فظاهرها الرحمة، وباطنها من قبله العذاب يقولون بالمساواة؛ وأين المساواة؟ وبشيوع المال بين السادة والعبيد؛ وأين ما يزعمون؟ لقد جعلت بعض الدول نظاماً خاصاً: يفرق بين الإنسان وأخيه الإنسان - بسبب اللون - وقد خلقهم الله تعالى من أب واحد، وأم واحدة. وقد يكون المفضول أفضل من الفاضل {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} لقد ظلموا الناس وقالوا: إنه العدل. وأجاعوهم وقالوا: إنه الشبع. وأفقروهم وقالوا: إنه الغنى
لقد أفقروا الأغنياء، ولم يستطيعوا أن يطعموا الفقراء وجميع ذلك بأنظمة نظموها، وشرائع شرعوها. ولكن هلم معي - يرحمك الله - إلى شرعةالله، ودينالله، وهدىالله؛ يقول الله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ