بموجبها - تبعاً للظروف المحيطة بالإنسان - أو إلى الغدد الجمة؛ فتفرز سائلاً معيناً - وفقاً للحالة التي يجابهها الشخص - كالدموع، واللعاب، والأدرينالين.
مثال ذلك: إذا أبصر إنسان لصاً أمامه بيده خنجر: فإن الجهاز العصبي يوجه إلى المخ إشارة بذلك الخطر المحدق؛ فتتلقى الجوارح من المخ إشارة بما يجب اتباعه. وقد يشير المخ - تبعاً للسلوك الشخصي للإنسان - بالفرار من اللص؛ أو بالهجوم عليه وانتزاع الخنجر من يده، أو بمبادرته بطلقة من مسدس، أو ضربة من عصا ونحوها. على أن الزمن الذي تستغرقه هذه الرسائل - الذاهبة والآيبة - يدق على أي آلة أو أداة لاسلكية أو الكترونية؛ وفي الوقت ذاته لا يتجاوز جزء من مائة من الثانية.
فعلاقة الحواس بالمخ علاقة ثابتة ما ثبت الوعي والإدراك؛ الذي يتفرع منهما التمييز، والتصور، والذاكرة، والتعليل، والطموح، وإدراك الهدف.
ولا يخفى ما في خلقة المخ من أعاجيب وغرائب؛ فمن أعجب الأعاجيب: اختزان العلوم والمعارف، والمدارك، والمحفوظات؛ واستخراج ما يراد من ذلك من سجلاتها المرتبة المبوبة في ظرف قد لا يتجاوز ارتداد الطرف؛ بوساطة ذبذبات يعجز اللسان عن وصفها، ويضيق الجنان عن الإحاطة بها
هذا وقد دل الفحص المجهري على أن عدد الخيوط العصبية في المخ يتجاوز عشرة آلاف مليون. كل واحد منها تدب فيه الحياة، ويحمل وظيفة عضوية يؤديها على أكمل وجه
وعلى هذا المنوال تؤدي أجسامنا - بما احتوته من أعضاء - وظائفها ذات الأهداف المتباينة؛ بغير وعي منها، الأمر الذي يدل دلالة قطعية على أن هناك إرادة عليا تسيرها وتوجهها
ولو لم يكن في بديع صنع الإنسان: سوى أنه يأكل الطعام، ويشرب الشراب؛ في مدخل واحد؛ ثم يخرج كلاهما من مخرج منفصل عن الآخر؛ لكفى ذلك عجباً وناهيك بما يفعله الجسم بالطعام والشراب حين يهضمهما، ويأخذ أطايبهما؛ ثم يلقي بنفايتهما؛ بعد أن يستنفذ وقوده، ويأخذ حاجته، ويستوعب كفايته {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}.
ولو تأملتم في حواسكم: لوجدتم أعجب العجب انظروا مثلاً إلى حاسة اللمس؛ وكيف أنكم تستطيعون بها الفرق بين الناعم والخشن، والبارد والحار، واللين والرخو. وانظروا أيضاً إلى حاسة الشم؛ وكيف تستطيعون بواسطتها معرفة ذكي الرائحة من رديئها، وطيب النكهة من فاسدها.