للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختلف الفقهاء في منافع الأعيان - كسكنى المنزل وركوب السيارة ولبس الثياب - هل تعد مالا؟ فذهب الحنفية إلى أنها ليست بأموال (١)، بينما ذهب الجمهور إلى كونها مالا (٢).

ولعل: «اعتبار المنافع من الأموال هو أوجه الرأيين؛ لأنه المتفق مع عرف الناس والمنسق مع أغراضهم ومعاملاتهم، فهم لا يبتغون الأعيان إلا طلبا لمنافعها، ولأجلها يستعيضونها بالنفيس من أموالهم، وما لا منفعة له لا رغبة فيه ولا طلب له، وإذا طلب عدّ طالبه من الحمقى والسفهاء، وربما حجر عليه؛ ولذا كان في المنافع مجال واسع لمعاملتهم المالية، وليس أدلّ على ذلك من إقامة الخانات (٣) والفنادق والحوانيت (٤) والأسواق، وبناء دور السكنى، وإنشاء السكك الحديدية، وبناء البواخر، وما إلى ذلك مما هو معدّ للاستغلال بالاستعاضة عن منافعه؛ ولذا جاز أن يعتاض عن المنافع بالمال كما في الإجارة، وأن تكون مهرا، وقد جعله الله من الأموال لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (٥)، أي: أحل الله لكم


(١) انظر: حاشية رد المحتار (٤/ ٥٠٢، ٥/ ٥١)، درر الحكام (١/ ١١٦).
(٢) انظر: الذخيرة (٨/ ٢٨١)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (٣/ ٤٤٢)، منح الجليل (٧/ ٧٦)، العزيز (٥/ ٤١٦)، روضة الطالبين (٥/ ١٣)، المنثور (٣/ ١٩٧)، مغني المحتاج (٢/ ٢، ٢٨٦)، الإقناع (٢/ ٥٨٨)، الروض المربع (١/ ٤٥٥)، كشاف القناع (٤/ ١١٢).
(٣) الخانات: جمع خان، وهو الدكان أو صاحب الدكان، وقيل: هو الذي ينزله المسافرون.
انظر: لسان العرب (١٣/ ١٤٦)، المصباح المنير (ص ٧٠).
(٤) الحوانيت: جمع حانوت، وهو الدكان، وحانوت يذكر ويؤنث لغتان.
انظر: تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ١/٧٣)، القاموس المحيط (ص ١٩٣).
(٥) سورة النساء، الآية [٢٤].

<<  <   >  >>