للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً: المذهب الحنبلي:

جاء في مجلة الأحكام الشرعية تعريف الإتلاف بالتسبب بما نصه: «الإتلاف تسببا: هو فعل ما يفضي عادة إلى الإتلاف دون أن يتخلل بينهما ما يمكن إحالة الحكم عليه» (١).

وهذه التعريفات - وإن اختلفت في ألفاظها إلا أنها - متفقة في المضمون والمعنى، مؤداها: أن يفعل المرء شيئاً يؤدي إلى الإتلاف عادة بواسطة فعل آخر متوسط بين الفعل الأول (السبب) والإتلاف الحادث، بحيث يكون الفعل الأول (السبب) هو المقتضي لوقوع الإتلاف بذلك الفعل (الواسطة).

كما في عملية حفر البئر؛ فإن حفر البئر في الطريق تسبب إلى إتلاف الساقط بها، فالتلف لم يحدث بحقيقة الفعل وهو الحفر؛ لأن الحفر اتصل بالأرض ولم يتصل بالساقط في البئر، وإنما حصل التلف بمشي الساقط إلى الحفر، فكانت الحفرة سببا للتلف ومؤثرة في حصوله (٢).

ويتضح من تعريفات العلماء للتسبب أنه يشترط أن يكون السبب مما شأنه عادة أن يفضي غالبا للإتلاف، بمعنى أن يكون التلف الذي حصل نتيجة عادية منتظرة من ذلك الفعل (التسبب)، كما يفيده تعريف القرافي (٣)، ولهذا احترز الغزالي في تعريفه بقوله: «إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة» (٤)، عما


(١) مجلة الأحكام الشرعية (ص ٤٣٠).
(٢) انظر: مغني المحتاج (٤/ ٦).
(٣) انظر: الفروق (٤/ ٢٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦٥)، شرح المجلة (ص ٤٨٨)، درر الحكام (٢/ ٥٠٨)، نظرية الضمان للزحيلي (ص ١٨٩، ١٩٨)، الوجيز (١/ ٢٠٦)، تقرير القواعد (٢/ ٣١٦ - ٣١٧)، مجلة الأحكام الشرعية (ص ٤٣٠).
(٤) الوجيز (١/ ٢٠٦).

<<  <   >  >>