للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَن وصفها بالكلية نظر إلى أن الأصل في القاعدة الكلية، كما نظر إلى معناها اللغوي. ومن وصفها بالأغلبية فنظرا إلى الفروع الفقهية التي خرجت عن القاعدة وشذت عنها، فأصبحت مستثناة منها (١)، وهذا لا ينافي وصفها بالكلية؛ «لأن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي؛ إذ المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت» (٢).

وبناء على ذلك فإن هذه التعاريف - في الأقسام الثلاثة - كلها متقاربة تؤدي إلى معنى واحد، وإن اختلفت عباراتها.

لكنها - أي هذه التعاريف - رغم ذلك لم تسلم من انتقادات واعتراضات لدى الباحثين المحدثين (٣).

وأخشى أن يكون هذا من قبيل التكلف في الحدود والتعاريف الذي حذر منه العلماء، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: « .. وصاروا يعظمون أمر الحدود ويزعمون أنهم هم المحققون لذلك، وأن ما ذكره غيرهم من الحدود إنما هي لفظية، لا تفيد تعريف الماهية والحقيقة بخلاف حدودهم، ويسلكون الطرق الصعبة الطويلة والعبارات المتكلفة الهائلة، وليس لذلك فائدة إلا تضييع الزمان وإتعاب الأذهان وكثرة الهذيان .. ، وشغل النفوس بما لا ينفعها، بل قد يصدها عما لا بد منه» (٤).


(١) المرجع السابق (ص ٤٣).
(٢) الموافقات (٢/ ٨٤).
(٣) انظر على سبيل المثال: القواعد الفقهية للندوي (ص ٤١ - ٤٥)، القواعد الفقهية للباحسين (ص ٣٩ - ٥٤)، نظرية التقعيد الفقهي (ص ٣٩ - ٤٩).
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٩/ ٩٠).

<<  <   >  >>