للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: يحتمل أن يكون مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإشهاد - في هذا الحديث - ظهور الأمانة من الملتقط وارتفاع الظنة عنه، كما روي عن الحسن في قوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} (١) أنه أريد به ظهور أمانة الولاة على الأيتام (٢).

ثالثاً: إذا افترضنا أن الحديث يدل على وجوب الإشهاد، فإنه لا يدل على أن الملتقط إذا لم يشهد يضمن التلف.

٢ - «إن أخذ مال الغير بغير إذنه سبب لوجوب الضمان في الأصل، إلا أنه إذا كان الأخذ على سبيل الأمانة بأن أخذه لصاحبه فيخرج من أن يكون سبباً، وذلك إنما يعرف بالإشهاد، فإذا لم يُشهد لم يعرف كون الأخذ لصاحبه؛ فبقي الأخذ سبباً في حق وجوب الضمان على الأصل» (٣).

٣ - «إن الأصل أنّ عمل كل إنسان له لا لغيره، بقوله سبحانه وتعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (٤) وقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٥) فكان أخذه اللقطة في الأصل لنفسه لا لصاحبها، وأخذ مال الغير بغير إذنه لنفسه سبب لوجوب الضمان؛ لأنه غصب، وإنما يعرف الأخذ لصاحبها بالإشهاد، فإذا لم يوجد تعين أن الأخذ لنفسه؛ فيجب عليه الضمان» (٦).


(١) سورة النساء، الآية [٦].
(٢) انظر: مختصر اختلاف العلماء (٤/ ٣٤٥).
(٣) بدائع الصنائع (٦/ ٢٠١).
(٤) سورة النجم، الآية [٣٩].
(٥) سورة البقرة، الآية [٢٨٦].
(٦) بدائع الصنائع (٦/ ٢٠١).

<<  <   >  >>