للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن رمى الناسك، ونفر قبل غروب الشمس، سقط عنه ما بين يديه، من المبيت والرمي في اليوم الأخير، وإن لم يفارق خِطةَ منى، حتى غابت الشمس، ثبت المبيت عليه؛ فاذاً المبيت النسك في ثلاث ليالٍ في حق من نفر في النفر الأول، وهو في أربع ليال في حق من مكث حتى غربت عليه الشمس.

٢٦٩٨ - ثم كل ليلة أثبتنا المبيت فيها، فما الحد المعتبر في القدر الذي يجب المبيت فيه؟ ذكر شيخي، وصاحب التقريب قولين، مرسلين: أحدهما - أنا نشترط أن يكون معظمُ الليلة بموضع البيتوتة، لا يفارق منى. والقول الثاني - أنا نشترط أن يطلع عليه الفجر، وهو في موضع البيتوتة، حتى لو غاب معظمَ الليل، ثم حضر قُبيل طلوع الفجر، فطلع الفجر عليه، فقد أدى حقَّ المبيت. والأظهر القول الأول، عند الأصحاب.

وهذا كلام ملتبس، والذي يجب القطع به أن طرد هذين القولين على هذا النسق في ليلةِ مزدلفة محالٌ. والذي يجب أن يقال فيها: إن قول المعظم باطل، في تلك الليلة، مع ما مهدناه في جواز الخروج بعد منتصف الليل، والمُفيض لا ينتهي إلى مزدلفة إلاّ بعد غيبوبة الشفق، وقد يصل بعد هزيع من الليل، ولا يخرج في هذه الليلة أيضاًً اعتبارُ طلوع الفجر، فلا يتجه في تلك الليلة إلا اعتبارُ الكَوْن بمزدلفة في الوقت الذي ينتصف الليل فيه.

هذا هو الذي يجب مراعاته، ويتعين ردُّ القولين المحكِيَّين إلى المبيت ليلةَ القرّ، وليلةَ النفر الأول، وليلةَ النفر الثاني، إن تقيّد الناسك، ولم يتعجل، فيتجه اعتبارُ المعظم؛ فإنه مبيتٌ لا تغليس (١) فيه، فيحسن الأمر بالمبيت في المعظم، ولا مؤاخذةَ، لو اتفقت خَرْجةٌ من منى في بعضٍ من الليل، بعد أن كان المعظم على ما وصفناه.

ومن اعتبر طلوع الفجر، فإنه يجعل المبيت تعريجاً على شعار اليوم الذي بين [يدي] (٢) الناسك. فهذا وجه اعتبار طلوع الفجر في محل المبيت.


(١) غلس القوم تغليساً ساروا بغلسٍ، والغلس ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح.
(معجم) والمراد: مبيت منى لا تغليس فيه مثل مبيت المزدلفة.
(٢) مزيدة من (ط)، (ك).