للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليه وسلم عن مهر البغي " ومنافع البضع تقوّمت بالشرع إذا استهلكت وهي محترمة، ولا حرمة مع البغاء.

وفيه لطيفةٌ من جهة المعنى، وذلك أنها إذا طاوعت، فهي مشاركة في العمل، وليس الزاني منفرداً بإتلاف المنفعة، ولا تمييز ولا تشطير. والشرع لا يتقاضى إثباتَ البدل لحقٍّ حرمه، فلا شيء.

هذا إذا كان عالماً بالتحريم.

فأما إذا كان جاهلاً فيما زعم، بأن كان حديث العهد بالإسلام، وظن أن الارتهان يبيح المرهونة، فإذا ادعى الجهلَ ولم يبعُد ما قال، فلا حد. وإذا انتفى الحد، فالكلام بعده في المهر، والنسب، والحكم برق الولد وحريته.

الظاهر أن النسب يثبت؛ لمكان الشبهة الدارئة للعقوبة. وإذا اندفع الحد لشبهة، كان الوطء على حظ من الحرمة (١)؛ فيثبت النسب.

ومن أصحابنا من قال: لا يثبت. ثم الطريقة الصحيحة تخريج رق المولود على الخلاف في النسب، فإن حكمنا بالنسب، فالولد حر، وإن نفينا النسب، فالولد رقيق.

وقال بعض أصحابنا: النسبُ يثبت وفاقاً. وفي ثبوت الحرية وجهان. وهذا القائل يزعم أن النسب أسرع إلى الثبوت.

وعكس بعض من ينتسب إلى التحقيق هذا، فقطع بإثبات الحرية، وردّد القول في النسب، وصار إلى أن الولد النسيب هو المنعقد من ماء محترم، والحرمة غير متكاملة.

وهذا كله خبط.

والوجه إجراء النسب والحرية مجرى واحداً. والمذهب ثبوتهما. وكان شيخي يعلل الوجه الآخر بضعف الشبهة، ويقول: الحدّ يندرىء بأدنى شبهة. والنسب يستدعي شبهة لها وقعٌ.


(١) " الحرمة ": من " الاحترام "، وليس من "التحريم".