للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأمّا إذا كان نقل التراب إلى موات، أو إلى الشارع على وجهٍ لا يضر بالمارة، فإذا قال المغصوب منه: لا تنقله إلى الأرض، لم يكن له نقله؛ فإنه لا غرض له في النقل، ومالك التراب راضٍ بتبقيته في المكان الذي هو فيه.

ولا يخفى على الفقيه أنه لو كان نقله إلى الشارع على وجهٍ يفرض لأجله الضمان والعدوان، فإذْن المالك وإبراؤه عن الضّمان لا معنى له؛ فإنه ليس إليه هذا.

ولو أراد المالك [بتبقيته] (١) أن يضيق مسلك المارة، أو يأذن فيه، لكان ممنوعاً منه.

ومن تمام ذلك أنه إذا كان للغَاصب غرض، فلو ردَّ التراب إلى الأرض، وأراد أن يبسطه لتعود إلى هيئتها التي كانت عليها، ويعود التراب إلى المكان الذي أخذه منه، فقال المالك: اتركه على طرف الأرض، ولا تبسط، فحق عليه أن يترك البسط، ويقتصر على ما رسمه المالك؛ فإنه لا غرض له في البسط. والمسألة مفروضة فيه إذا لم يكن لنقل التراب حفيرة يفرض التردي فيها، فلا غرض إذن للغاصب في البسط، ولا معنى لمخالفة المالك.

وهذا الذي ذكرناه مشروط بشرط، وهو أن نقل التراب، ورفعَه عن وجه الأرض إن لم يكن أحدث في الأرض نقصاً -وقد انتهى الكلام إلى المنتهى الذي ذكرناه- فالأمر على ما وصفناه، وإن كان رفعُ التراب أحدث نقصاً في الأرض، فإن أبرأ المالكُ عن أرش النقص، ورسم ألا يبسط التراب، لزم امتثال أمره. وإن كان يطلب أرش النقص، ولو ردّ الغاصبُ التراب إلى المكان الذي أُخذ منه، لكان ذلك جبراً لما وقع، وردّاً للأرض إلى ما عهدت عليه، فإنه يبسط التراب لغرض إبراء الذمة عن ضمان النقصان؛ فإن هذا من الأغراض الظاهرة.

٤٦١٧ - وما ذكرناه استفتاح أصل آخر، وهو أن من أحدث نقصاً في أرض غيره، بسبب نقل التراب منه، واستمكن من إزالة ذلك النقص برد التراب؛ فإنه يفعل ذلك، ويتحتم عليه إن طلبه المالك. ويجوز له أن يفعله إن لم يطلبه المالك. وإن قال


(١) في الأصل: بنفسه.