للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٤٧١٩ - ومما ذكره القاضي: أنه لو قيل له: اشتراه بمائة دينارٍ، فعفا] (١) ثم بان أنه كان اشتراه بألف درهم، فقد حُكي عن القاضي أنه على شفعته؛ لأن الغرض يختلف باختلاف الجنس، وقال: وكذلك لو كان الأمرُ على العكس.

فأما الصورة الأولى، فلا شكّ فيها، فإنه عفا إذا أخبر بالثمن الكثير، والغالب أن الألف أقلُّ من مائة دينار. فأما إذا أخبر بألف درهم، ثم بان أن الثمن مائةُ دينار، وقد عفا أولاً، فإثبات الشفعة في هذه الصورة محالٌ؛ فإن عفا وقد بلغه أقلُّ الثمنين المذكورين، فطلب الشفعة بالأكثر لا يليق بالأغراض المرعيَّة. والتعويل في هذَا الباب على المالية؛ فإن الشفيع ليس يأخذ بعين الثمن، وإنما يأخذ ببدلٍ مشبهٍ بالثمن المذكور في العقد (٢).

فإذا كانت مائةُ دينارٍ تساوي ألفين فصاعداً، فلا يتحقق غرضٌ في ذلك.

وليس هذا كما لو قال لوكيله: بع عبدي هذا بألف درهم، فباعه بمائة دينار؛ فإن البيع يبطل؛ من جهة أن مبنى تصرف الوكيل على اتباع لفظ الآمر، وقد يغمض على الفقيه تعليل صحة البيع فيه إذا وكله بالبيع بألف درهم، فباعه بألفي درهم. ثم سبيل حل الإشكال ما قدمناه. فأمَّا إذا اختلف الجنس، فيظهر وقوع عقد الوكيل مخالفاً لقول الموكل.

نعم. لو أُخبر الشفيع بأن الثمن ألفا درهم فعفا، ثم بان أنه مائتا دينار، وكانت قيمة المائتين ألفين، فهذه المسألة فيها احتمال؛ من جهة أنه قد يعسر عليه تحصيل الدراهم، وقد يتجه فيه أن هذا ليس بعذر؛ فإن صرف الدنانير [إلى الدراهم سهل؛ فإن الدنانير ليست] (٣) سلعة من السلع، حتى يفرض في بيعها ترصد وانتظار.

ولو قيل له: اشتراه بألف مؤجلٍ، فعفا، ثم بان أنه قد اشتراه بألفٍ حال، فلا شفعة له؛ إذ لا غرض في ترك الشفعة بالمؤجل والأخذ بالحال. ولو كان على العكس من هذا، فله الشفعة، لظهور الغرض في الترك بالحال، والأخذ بالمؤجل.

والجملة المعتبرة في هذه المسائل أنه إذا لم يظهر غرض بعد العفو، فالشفعة


(١) ما بين المعقفين سقط من الأصل.
(٢) (ت ٢)، (ي)، (هـ ٣): مشبه بثمن العقد.
(٣) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.