للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الحال، وإذا جاء الشفيع بعد جريان الرد، فهذا يتفرع على أنه لو اجتمع طلبُه، مع همّ المشتري، فمن المقدم منهما؟ فإن قلنا: المشتري مقدم، لحق الرد، فإذا نفذ الردّ، فلا مستدرك. وإن قلنا: حق الشفيع مقدم، فإذا جرى الرد، ثم جاء الشفيع، ففي المسألة وجهان: أحدهما - لا شفعة؛ فإنها فاتت بجريان الردّ وتقدمه. والوجه الثاني - له حق الشفعة. وهذا القائل يقول: الرد مردود، والشفعة تترتب على الملك السّابق، ويُجعل كأن الرد لم يجر.

وهذا فيه ضعف؛ من جهة أن الفسخ لا يفسخ.

وكان شيخي يقول: إذا أثبتنا حق الشفعة في هذه الحالة، تبيّنا بطلانَ الردّ؛ لأنه صادف حقاً مقدّماً عليه. ولا نقول: ينفذ الرَّد، ثم يُرد.

فرجع حاصل القول إلى وجهين في الأصل: أحدهما - أن الشفعة بطلت بالرّد، والثاني - أنها لم تبطل.

فإذا قلنا: إنها بطلت، فلا كلام. وإن حكمنا بأنها لم تبطل، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن الرد يُرد. والثاني - أنا نتبين فساد الرد من أصله، ويجعل كأنه لم يجر. وقد قدمنا أن الزوج إذا طلق زوجته قبل المسيس، وكان الصداق شقصاً، وجرى ذلك قبل طلب الشفيع الشفعة، وحكمنا بتشطير الصَّداق، فإذا جاء الشفيع يطلب، فقد قدَّمنا أن ما ارتد إلى الزوج لا ينتزع من يده.

وكان يقول رضي الله عنه: إذا رددنا الرّد على بعد [القول] (١) بفسخ الفسخ، فاسترجاع ما ارتد إلى الزوج أولى.

وبالجملة اختلف أئمتنا، فذهب ذاهبون منهم إلى تنزيل ما ارتد إلى الزوج من الصَّداق بالطلاق قبل المسيس، منزلة ما لو جرى الرد قبل طلب الشفيع؛ فيخرّج على وجهين: أحدهما - أن الشطر منتزع من يد الزوج، ورجوعُه إلى قيمة الصداق.

والثاني- أنه لا ينتزع من يده، ويأخذ الشفيع ما بقي في يد المرأة من الشقص، بحصته من مهر المثل. هذه طريقة.

ومن أئمتنا من قطع في الطلاق بأن ما رجع إلى الزوج لا يسترد منه، وجهاًً واحداً؛


(١) في الأصل: القرن.