للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القديم، فإذا كان ملكه عرضة لأخذ الشريك القديم وقت جريان العقد الثاني، استحال أن يزاحم بذلك الملك الشريكَ الثاني. نعم: لو عفا الشريك القديم عن الشفعة في العُشر، ثم جرى البيع الثاني، فلا خلاف أنهما يزدحمان في التسعة الأعشار.

هذه طريقة.

٤٧٥١ - ومن أصحابنا من قال: إن عفا الشريك بعد جريان [العقد] (١) عن الشفعة في العُشر الذي اشتمل عليه العقد الأول، فصاحب العشر والشريك القديم يزدحمان في التسعة الأعشار وجهاً واحداً.

فإن أخذ الشريك القديمُ العشرَ بالشفعة، فهل للذي اشترى العشرَ أن يزاحم في التسعة الأعشار كما صار إليه أبو حنيفة؟ فعلى وجهين: أظهرهما - أنه لا يزاحم؛ لأن الشريك يأخذ العشر الذي اشتراه وفاقاً، فلا يبقى له مِلكٌ يزاحم به.

والوجه الثاني خرّجه القفال - أنه يزاحم في التسعة الأعشار، وإن أُخذ العشر الذي اشتراه؛ لأن ملكه كان ثابتاً لما جرى العقد الثاني، فاقتضى ثبوتَ حق الشفعة له، فلا يضر زوال ملكه بعد ذلك على قهر.

وكان القفّال يبني هذا التردد على أصلٍ، وهو أن بعض الشركاء في الدار إذا باع حصّته، ولم يُشعر شريكَه بذلك، ولم يعلم ثبوتَ حق الشفعة له، فباع ملك نفسه على جهلٍ منه باستحقاق الشفعة، ثم تبين له ثبوتُ حق الشفعة له، فهل نحكم بأن ما جرى من البيع في ملكه القديم عن جهلٍ وغِرّة يتضمن بطلان الشفعة؟ في المسألة قولان: أحدهما - أن حق الشفعة يبطل؛ فإن الغرض من الشفعة دفع الضرار عن المالك كما فصلناه، فإذا زال الملك، فلا حاجة إلى الدفع، فأشبه ما لو باع على علمٍ بثبوت الشفعة.

والقول الثاني - أن حق الشفعة ثابتٌ، لا ينقطع بما جرى من البيع على الجهل.

ومما يجب الإحاطة به أن الشفيع إذا باع ملكه بعد الإحاطة بالشفعة، فحقه من الشفعة يبطل، وإن قلنا الشفعة على التأبيد، وشرطنا التصريح بالإسقاط، فبيع الملك على عمدٍ وعلمٍ يتضمن إسقاط الشفعةِ، على اتفاق بين الأصحاب، لم أعثر فيه على خلافٍ.


(١) في الأصل: العقدين.