للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من قطع بأنا إذا فرعنا على قول الفور، فالعفو عن البعض يُسقط الجميع؛ فإن ابتناءه على الفور على هذا القول، يشعر بتسرع السقوط إليه، وكان حَريّاً بمشابهة القصاص، وقد ذكرنا أن العفو عن بعض القصاص يُسقط الجميع.

٤٧٥٤ - ومن الأصول التي نذكرها في هذا الفصل: أنه إذا ثبت في شقص واحدٍ شفيعان، فلو عفا أحدهما عن حقه، فكيف السبيل فيه؟ ذكر الشيخ أبو علي في شرح الفروع أربعةَ أوجه: أحدها - وهو الأصح المشهور أن حق العافي يبطل من الشفعة، ويثبت الحق بكماله للثاني. فلو أراد أن يأخذ بعضَ الشقص، وهو القدر الذي كان يخصه مع شريكه لو لم يعف، فليس له الاقتصار عليه، وللمشتري أن يقول: إما أن تأخذ الكل، وإما أن تدع. وهذا هو الذي قطع به شيخنا أبو محمد، والصيدلاني، وكل معتبر من أثبات النقلة. وتعليل هذا الوجه أنه إذا عفا أحدهما، جُعلَ كأنه لم يكن، وأُخرج من البَيْن، وقدر الثاني منفرداً باستحقاق الشفعة. وهذا هو الأصل، والمذهب.

وقد ذكر الشيخ أبو علي سواه ثلاثةَ أوجه: أحدها - أَنَّ الذي عفا [قد] (١) سقط بعفوه نصف الشفعة، وثبت ذلك القدر للمشتري، ولو أراد الشفيع الثاني أن يأخذ جميع الشقص، لم يكن له ذلك، ولو أراد المشتري أن يُلزمه أخذ الجميع، لم يكن له ذلك. وهذا الوجه يوجّه بأن الحق ثبت لهما، وسقط [سهمهُ] (٢) بإسقاطه، وحقوق الأموال تقبل الانقسام.

والوجه الآخر أن أحد الشفيعين إذا عفا، سقط نصيبهما جميعاً بعفوه، وانقطعت الشفعة أصلاً، كما إذا ثبت القصاص الواحد لرجلين، فعفا أحدهما.

وهذا ضعيف جداً.

والوجه الثالث - أنه لا يسقط حق من لم يعف، ولا يسقط حق من عفا أيضاًً؛ فإن الشفعة لا تقبل الانقسام، فإذا كان حق من لم يعف ثابتاً؛ من جهة تشميره في طلبه،


(١) في الأصل، (ي)، (هـ ٣): فقد. والمثبت من (ت ٢)، وتمام عبارتها: قد سقط حقه بعفوه نصف الشفعة.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.