للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قال: آخذ ما يخصني عند المزاحمة، لم يكن له ذلك. هذا ظاهر المذهب.

٤٧٥٩ - ولو كان الشفعاء غُيّباً لمّا جرت الصفقةُ، فلو حضر واحد منهم، وطلب الشفعةَ، فله ذلك، وليقع البناء على ظاهر المذهب فيه إذا حضر، كما أعدنا المذهب فيه الآن، فنقول في هذا الآيب الراجع: خذ الشقص بتمامه، وابذل جميعَ الثمن للمشتري، ليس لك إلا هذا إن أردت الشفعة. فلو قال: آخذ ما يخصني عند المزاحمة وأترك نصيب صاحبيَّ الغائبين، لم يكن له ذلك. وللمشتري أن يقول: لا آمن ألا يحضر صاحباك أو يحضرا ولا يرغبا في الشفعة، فتتبعض الصفقة عليَّ.

هذا حكمنا في الأول إذا حضر. فلو أخذ تمام الشقص بتمام الثمن، ثم رجع الثاني، فله أن يقول للأول: "أنا وأنت بمثابة واحدةٍ في استحقاق الشفعة، وعودُ الثالث مغيّبٌ، قد يكون وقد لا يكون، فينبغي أن نستوي"، فهذا الكلام الذي أبداه حق، ولا بد من إجابته إلى ملتمسه، فعلى الأول إذن أن يشاطره، ثم الثاني يبذل نصف الثمن، ويسترد نصف الشقص.

فإذا عاد الثالث وهو على الطّلب، فإنَّه يأخذ من كل واحد من الأول والثاني ثلثَ ما في أيديهما، ويبذل مقدار ما يأخذ من الثمن.

هذا هو الترتيب في قاعدة المذهب.

فلو حضر الأول، وقال: أنا آخذ نصيبي، وأتوقف في نصيب صاحبيّ؛ فإني لو أخذتُ الجميع، لكان الظاهر أن ينقضا عليَّ. فإذا فرعنا على قول الفور، وجرينا على ظاهر المذهب الذي جعلناه قاعدة الفصل، فالمشتري لا يجيبه إلى ما يبغيه من قبض البعض؛ فإن هذا يفرّق الصفقة عليه في الحال. وهل يُجعل توقف هذا الراجع في أخذ الكل تقصيراً منه مبطلاً لحق شفعته رأساً؟ فعلى وجهين ذكرهما العراقيون: أحدهما - أنا نجعل هذا التوقف -على قول الفور- مبطلاً لحقه من الشفعة؛ فإنه يتمكن في الحال من أخذ الجميع، فتركه ما هو متمكن منه لتوقع أمرٍ - مبطلٌ لحقه.

هذا اختيار ابن أبي هريرة.

والوجه الثاني - لا يبطل حقه، وينتصب ما أبداه من توقع استرداد ما يأخذ منه عذراً

في التأخير. ثم محل عذره في حق صاحبيه ثلثا الشقص، والثلث منه يمتنع عليه أخذه