للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالحريم لا يكاد يوصف بالملك إلا على تفصيلٍ، واتباع البئر الحريمَ، وإن كان مملوكاً بعيدٌ؛ فإن البئر هي الأصل، والحريم تبع، فليس في الحريم على هذا التفسير ما يقتضي استتباعَ البئر.

وصرح بعض أصحابنا بأمرٍ مفهوم في نفسه، فقالوا: إن كانت البئر تسقي مزراعَ، وكانت تيك المزارع قابلةً للقسمة، فإذا بيع قسطٌ منها مع جزء من البئر، ففي ثبوت الشفعة في البئر -على قولنا الصحيح، وهو اشتراط قبول الانقسام- وجهان: أحدهما - لا تثبت الشفعة؛ فإن البئر غيرُ منقسمة. والثاني - أنها تثبت تبعاًً للمزارع المنقسمة، وتوجيه الوجهين ما تقدم.

والذين أطلقوا الحريم أرادوا به ما صرح به هؤلاء، من ذكر المزارع، وإنما وقع كلام الشافعي على الآبار التي تسقي النواضحُ منها المزارعَ، ثم تيك المزارع تنسب إلى البئر، والبئر تنسب إليها، فإذاً ليس المراد بالحريم ما يتصل بحافات البئر، وإنما المراد ما تسقيه البئر.

٤٧٧٧ - ثم اختلفت عبارة الأئمة فيما يحتمل القسمة، فقال الشيخ القفال، وطبقة من المحققين: المنقسم هو الذي يمكن الانتفاع [بأفراد] (١) الحصص المفروزة من الجنس الذي كان ينتفع [به] (٢) قبل الإفراز: فإن كانت مزرعة أمكنت الزراعة في كل حصة، وإن كانت داراً مسكونة أمكنت السكنى، فيخرج مما ذكرناه الحمام الصغير الذي لو قسم، لم يتأت من كل قسم حمّام. وكذلك ما في معناه.

ومن أصحابنا من قال: إذا كانت الحصة المفرزة بحيث يمكن الانتفاع بها بوجهٍ من الوجوه، كفى ذلك في الحُكم بكون الملك المشترك قابلاً للقسمة، وإن لم يمكن الانتفاع بالحصة من جنس الانتفاع بالجملة المشتركة.

ومن أصحابنا من قال: إن كانت القيمة (٣) تنتقص بالقسمة انتقاصاً متفاحشاً، فهو


(١) في الأصل: "بإفراز" والمثبت من (ت ٢)، (ي)، (هـ ٣).
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) (ت ٢)، (ي): الحصة.