للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٤٧٨٤ - ونحن نعود بعده إلى القول في الشفعة، فنقول: إن كانت المصلحة في الأخذ بالشفعة، فلا يجوز للولي الترك وجهاً واحداً، وليس على التردد الذي ذكرناه في ابتياع ما فيه مصلحة ظاهرة؛ فإن الأخذَ بالشفعة يُعد من حقوق الطفل، ولا يجوز تضييع حقه، والشراءُ ابتداءً ليس مستنداً إلى حق الطفل، فليفهم الناظر ذلك.

ثم إن أخذ الولي، فذاك، وإن لم يأخذ، فحق الطفل المَوْليِّ عليه لا يبطل، بل إذا بلغ واستقل، فله طلب الشفعة والأخذُ بها، ولو لم يكن في أخذ الشفعة مصلحةٌ، بل كانت المصلحة في تركها، قالوا: لا يأخذ بها، ولو أخذ بها، كان أخذُه مردوداً؛ فإن التصرفات في مال الطفل تنحصر في رعاية المصلحة، فلو بلغ الطفل مستقلاً، وأراد أخْذَ الشفعة، ففي المسألة وجهان: أظهرهما- أنه لا يثبت له ذلك؛ فإن الولي قد تركه مصلحةً ونظراً، فنفذ تركُه نفوذاً لا يستدرك.

والوجه الثاني - أن الصبي يأخذ حق الشفعة إن أراد؛ فإن الولي إن لم يأخذ بها لانحصار تصرفه فيما يجلب منفعة، فلا منفعة للطفل في إبطال حق شفعته.

ومما يتعلق بحقيقة هذا الفصل أن الغبطة إذا كانت في الأخذ، فتأخير الولي وتقصيره لا يبطل شفعةَ الطفل، بل لو صرح بالعفو، لم يظهر لعفوه أثر، والتقصير لا يزيد على العفو الصريح.

ويتصل [بهذا] (١) أن القاضي لو اطّلع على ترك الولي الطلبَ بالشفعة مع أن الغبطةَ في الأخذ بها، فإنه يتعين عليه أن يأخذ للطفل ما يتركه الولي، ولا يمتنع أن يكون على خبرة من مطالعة القوّام والأوصياء، كما سنذكره في موضعه، إن شاء الله تعالى.

ولا يلزمه أن يكون على بحثٍ عن أحوال الآباء والأجداد، بل يكل الأمر إليهم، واثقاً بشفقتهم، وسنذكر تفصيل ذلك في كتاب الوصايا، إن شاء الله عز وجل.


(١) في الأصل: به.