للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المذهب فرع المشتري، فإذا لم يثبت الشراء، وهو الأصل، فكيف تثبت الشفعة، وهي الفرع؟ ومن قال: تثبت الشفعة، احتج بأنَ البائع اعترف بالبيع ومصير الملك في الشقص إلى الشفيع، فإذا اعترف الشريكُ بالبيع وادّعاه من إليه مصير الملك، لزم من موجب القولين. ثبوتُ الحق لمن يدعي استحقاقَه، وهو الشفيع.

التفريع على الوجهين:

٤٧٩٢ - إن حكمنا بأن الشفعة لا تثبت، فغاية ما نذكره على هذا أن نتوقف إلى ثبوت الشراء، ولا نثبت في الحال للشفيع شيئاً، فإن لم تكن بينة، فالقول قول المشتري مع يمينه، وينقطع الخصام بحلفه. وإن نكل، لم يخفَ ردُّ اليمين والحكمُ بها.

وإن فرعنا على ثبوت الشفعة، كما ذهب إليه المزني، فالشفيع يسلّم الثمن إلى من؟ ظهر اختلاف الأصحاب في ذلك على هذا الوجه: فقال قائلون: يسلم الثمن إلى البائع، فإنه وإن كان لا يتلقى الملكَ منه، والقياس يقتضي أن يسلم الثمن إلى من يتلقى الملك منه، فإذا قضينا بثبوت حق الشفعة، ولا سبيل إلى أخذ الشقص من غير عوض، والبائع يزعم أنه ما قبض الثمن، والشفيع معترف بالتزام الثمن، فالضرورة تقتضي صرفَ الثمن إلى البائع، كأنّ الشفيع في هذا المقام، هو المشتري المؤدي للثمن. هذا وجهٌ.

والوجه الثاني- أنه لا يسلم الثمن إلى البائع، ولكن يرفع (١) الأمرَ إلى الحاكم، فينصب الحاكم منصوباً نائباً عن المشتري، ويسلم الشفيعُ الثمنَ إليه، ثم ذلك المنصوب يسلم ما قبضه إلى البائع.

وهذا ضعيفٌ، لا اتجاه لهُ؛ فإن نصب المنصوب عمن لا يدعي لنفسه حقاً، لا حاصل له، والقُضاةُ إنما ينصبون المستنابين عن أصحاب الحقوق، إذا لم يكن لهم استقلال بطلب حقوقهم، لغيبةٍ، أو سقوط عبارةٍ، بجنونٍ، أو صبا، أو موت، فلا وجه إذاً لهذا التقدير، ولا تحقيق له.


=احتج بأن الشفيع فرع المشتري، فإذا ... ، (هـ ٣): احتج بأن الشفيع المذهب أنه فرع المشتري، فإذا ...
(١) في الأصل: لا يرفع.