للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشفيع، وإنما تملكه من جهة المشتري، ولكن يرفع الأمرَ إلى القاضي، فيقبض القاضي الثمن وهو العبد، ثم إن القاضي يبيع ذلك العبد، ويرد على الشفيع ما بذله من الثمن، فإن وفى قيمةُ العبد بما بذله الشفيع، فلا كلام، وإن لم يفِ ثمنُ العبد بما بذله الشفيع، فيقول الحاكم للبائع: إن تبرعت بتكميل ما بذله الشفيع أسترِدُّ منه الشقصَ، وأرده عليك، وإن لم تتبرع بالتميل، لم أسترد الشقص.

وهذا الذي ذكره خبطٌ عظيم، وخروج عن سبيل الفقه.

فأما إذا قلنا بالصحيح: وهو أن الشقص لا يسترد من الشفيع، ولكن يغرَم المشتري قيمةَ الشقص، فإن كانت قيمةُ الشقص مثلَ ما بذله الشفيع من غير زيادة، ولا نقصان، فلا كلام. وإن كان ما بذله المشتري من قيمة الشقص أكثر مما بذله الشفيع، فالمذهب أنه لا يرجع على الشفيع بتلك الزيادة أصلاً.

وذكر صاحب التقريب في المسألة قولاً آخر: إن المشتري يرجع على الشفيع بتلك الزيادة التي بذلها، وذكر العراقيون هذا القول، وله على ضعفه وجهٌ؛ فإن المشتري يقول للشفيع: ينبغي أن تاخذ الشقص بما قام عليّ الشقصُ به، وقد قام عليّ بهذا المبلغ الذي بذلتُه آخراً.

هذا إذا كانت قيمةُ الشقص أكثر مما بذله الشفيع.

فأما إذا كانت قيمةُ الشقص أقلَّ مما بذله الشفيع، فقد ذكر العراقيون في هذا الطرف وجهين أيضاًً: أحدهما - أن الشفيع لا يجد بتلك الزيادة مرجعاً. والوجه الثاني - أنه يرجع بتلك الزيادة على المشتري، وتوجيه الوجهين في صورة النقصان كتوجيه القولين (١) في صورة الزيادة.

ثم قال العراقيون: إذا قلنا: المشتري يغرَم قيمةَ الشقص فغرِمها، ثم رجع الشقص إلى المشتري بوجهٍ من الوجوه إما بهبةٍ أو ابتياعٍ، أو إرث، فإن أراد أن يرد الشقصَ ويستردَّ القيمة، إذ تمكن من ردّه الآن؛ أو أراد البائع أن يجبره على رد الشقص، فليس يثبت ذلك من الجانبين.


(١) (ت ٢): الوجهين.