للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها لو انهدمت، عسر ردُّها وإقامتُها، فهل نحكم والحالة هذه بجواز بيعها؟

اختلف الأئمة فيه: فذهب الأكثرون إلى منع البيع.

وجوّز المجوّزون البيعَ.

فإن منعنا البيع، أدمنا الوقف، وانتظرنا ما يكون.

وإن جوّزنا البيع، فالأصح صرف الثمن إلى جهة الوقف.

ومن أئمتنا من نحا بالثمن نحو القيمة إذا أتلف العينَ الموقوفة متلف. وهذا ضعيفٌ، لا أصل له في هذا المقام.

وإن حكمنا بأن الثمن يصرف إلى ابتياع شيء وتحبيسه على الجهة التي كانت، فهذا حكم منا ببقاء مقتضى الوقف.

وإن حكمنا بصرف الثمن إلى الجهة التي ذكرناها في قيمة العين الموقوفة إذا أتلفت، فمن جملة ما قيل في مصرف القيمة: أنها تصرف إلى الموقوف عليه؛ تفريعاً على أن الملك في العين له.

٥٨٠٢ - فلو قال الموقوف عليه: لا تبيعوا هذه الدار المشرفة على الخراب واقلبوها إلى ملكي؛ فإنكم [لو بعتموها، لصرفتم الثمن إليّ] (١)، فلا فائدة في البيع، والوجهُ الحكم بانقلاب هذه العين إلى حقي وملكي على الوجه الذي انتهى التفريع عليه.

فالمذهب أنا لا نجيبه إلى ذلك، ولا نقلب عين الوقف ملكاً، بل إذا جوزنا البيع، فبطلان الوقف يتوقف على جريان البيع، وهو باقٍ إلى [اتفاقه] (٢).

وأبعد بعض الأصحاب، فأسعف الموقوفَ عليه، بما أراد، ثم هذا القائل لا يحوج إلى إنشاء عقدٍ، أو قولٍ في قلب العين إلى الموقوف عليه. ولكنه يقول: إنها تنقلب إليه. وهذا في نهاية الضعف.


(١) عبارة الأصل: لو بعتموه ولصرفتم الثمن.
(٢) في الأصل: العامة. وهو تحريف عجيب.