للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو نُحّيت النجاسة ورميت، والماء غير متغير، فهو طهور على القولين، ويتأتى استعمال جميعه.

وإن تركت النجاسة على الماء، واغترف منه، فقد فصله الشيخ أبو علي في الشرح أفضل تفصيل، وأنا أسوق كلامه على وجهه، بلا مزيد (١): فإذا كان في بئرٍ قلتان من الماء، وفيه نجاسةٌ قائمة، فألقى النازح دَلوه، واغيّرف، فنُفرّع التفاصيل على قول وجوب التباعد، ثم نفزعها على القول الثاني.

فإذا أوجبنا التباعد، وقد ألقى دلوه، لم يَخْل إما أن يُلقي الدَّلو على وجه الماء، ثم يختطفها من غير أن يغمرها الماء، ثم يُخرجها. فإن ألقاها (٢) على وجه الماء، وكان أسفل الدَّلو ثقيلاً يطلب الرسوبَ، بحيث ينحدر الماء من العَراقي (٣) إلى الدلو، فلا يخلو إما أن تقع النجاسة في الدَّلو، أوَّلاً، ثم يتبعها دُفَع الماء، أو على العكس من هذا، فإن ابتدرت النجاسة، ثم تبعها الماء، فالماء عادَ طهوراً؛ لما [فَارقته] (٤) النجاسة، ثم نقص الماء وهو طهور، فإذا اختطف الدَّلوَ، فالماء الذي في البئر طاهر؛ فإن النجاسة زايلته، وهو كاملٌ (٥)، والماء الذي في الدَّلو نجس؛ لأنه قليل وفيه نجاسة، وظاهر الدَّلو طاهر؛ لأنه لقي ماء البئر وهو محكوم بطهارته، فإن انفصل الدَّلو، ثم قطرت قطرةٌ مما في الدلو إلى البئر، صار الماء الذي في البئر نجساً؛ لأنه ناقصٌ عن القلتين وقعت فيه نجاسة.

٣٥٤ - وإن سبقت دُفَعٌ من الماء إلى الدَّلو، ثم تبعها النجاسة، واختطف الدَّلوَ، فالماء الذي في الدلو نجس؛ لأنه قليل وفيه نجاسة، والذي في البئر نجس أيضاً؛ لأنه نقص عن حدّ الكثرة بالدُّفع التي سبقت إلى الدَّلو، والنجاسة بعدُ في الماء، ثم


(١) (ل): فلا مزيد عليه.
(٢) "ألقاها" أي الدلو، فتأنيثها أكثر من تذكيرها (مصباح).
(٣) قدرنا على ما فهمناه من التصوير أن المقصود بالعَراقي حوافي الدلو أو البئر، لمقابلتها بالصورة الأخرى، ولكن لم نر جمع عِراق -بمعنى شاطىء- على عَراقي، والذي وجدناه بهذا الوزن هو جمع عَرْقُوَه كتَرْقُوَة وهي الخشبة التي توضع معترضة على رأس الدلو. (القاموس والمعجم).
(٤) في الأصل: فارقتها، وهي كذلك في (ل). وفي (م) فارقها.
(٥) كامل: أي قلتان.