للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألفاًً، ولم أضف الالتزام إلى نفسي. وقد قدمنا فيما سبق أن السفير لا ضمان عليه، وهي لو صُدِّقت سفيرةٌ على رتبة الرسالة، وإذا جرى الاختلاف على هذه الصيغة، فقد ذكر المراوزة أنهما يتحالفان والرجوع إلى مهر المثل، وعللوا بأنهما اتفقا على جريان العقد مبهماً، واختلفوا في صفة العقد على الوجه الذي وصفناه؛ فاقتضى ذلك أن يتحالفا.

٨٧٧٤ - وذكر العرا قيون وجهين: أحدهما - أنهما يتحالفان، كما ذكره المراوزة.

والثاني - أنهما لا يتحالفان؛ فإنها أنكرت أصل الالتزام كما (١) ادعت السفارة؛ ومن أنكر أصلَ الالتزام والأصلُ براءة ذمته، فالوجه أن يحلّف (٢). وهذا الوجه متجه منقاس، غير أنهم نقلوه، وأفسدوه بالتفريع، فقالوا: لا تحالف ولكن يلزمها مهر المثل، وهذا على نهاية السقوط؛ فإنها أنكرت أصل الالتزام، فإن كانت مصدَّقة، فكيف تطالب، وأثر التصديق أن يثبت الحكم على صفته إذا لم يكن نزاع، ولو صدق الزوج زوجته فيما ادعته من السفارة، لكان لا يلزمها شيء، وهذا واضحٌ لا [دفْع] (٣) له.

فإن قيل: ما الذي تعتمدونه في إثبات التحالف بينهما؟ قلنا: جرى أصل العقد وما فيه من الالتزم، واعترفت المرأة بالالتزام، ولكنها ادعت سقوطه بإضافتها اللزوم إلى غيرها، فأمكن أن يكون في هذا تردد في التصديق [ونقيضه] (٤)، ووجه التصديق أوضح، والوجه الآخر متضح؛ فإنها صاحبة الواقعة، ففي توكّلها عن الأجنبي بعدٌ، وإذا احتمل الأمران على استواء، انطبق عليه احتمال صدق الزوج وكذبه على هذا النسق؛ وهذا يوجب استواء الجانبين، ومقتضاه التحالف. ثم التحالف موجبه الرجوع إلى مهر المثل، ثم الرجوع به على من رجع البضع إليه. هذا وجه التحالف.

والقياس الحق أن لا تحالف؛ فلا مال عليها، ويخاطب الزوج بموجب إقراره،


(١) كما ادّعت السفارة: بمعنى عندما ادعت ...
(٢) فالوجه أن يحلّف: أي أن القول هنا قول الزوجة مع يمينها، ولا يحلّف الزوج ليردّ قولها.
(٣) في الأصل: وقع.
(٤) في الأصل: ونقضه.