هذه نماذج لورود هذا اللفظ، وصورٌ من اشتقاقاته، ولقد تبادر إلى الذهن أن هذا (الارتكاب) أحد مصطلحات علم الجدل والمناظرة، فبحثت واستقصيت جهدي في كل مظانه: في الكافية في الجدل لإمام الحرمين، المعونة في الجدل لأبي إسحاق الشيرازي، واصطلاحات المتكلمين والفلاسفة للآمدي، المعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، وتعريفات الجرجاني، وكليات أبي البقاء، ثم غريب ألفاظ الشافعي، ثم معاجم اللغة، ثم معجم الألفاظ التي شرحها ابن خلكان في الوفيات. ويبدو أن المراد بالارتكاب هنا التعسف وركوب الطريق غير السوي، يظهر ذلك من سياق العبارات التي أمامنا، والذي يرشح هذا التفسير أن هذا (الارتكاب) يكون عادة من أئمة الخلاف، عند نصرة كل صاحب رأي لرأيه، فيعتسف أيّ طريق، انتصاراً لرأيه، وفراراً من إلزامات خصمه. والله أعلم.