للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٠٣١٩ - وإذا رتبنا المذهب قلنا: إذا اتفقت صفة الجناية [واتحد] (١) الجاني، ولم يتخلل الاندمال، فقولان: أظهرهما في المذهب والنص -الاندراج. وأقيسهما- وهو المعروف بالمخرّج واختيار ابن سريج- أنها لا تندرج.

وإذا اختلفت صفة الجناية، ففي المسألة قولان منصوصان مرتبان على القولين فيه إذا اتفقت صفة الجنايات، وصورة الاختلاف أولى بألا تندرج؛ فإنها إذا اختلفت وتباينت، عسر القضاء بالاندراج، كما سنوضح ذلك في التفريع.

ويجوز أن يقال: اختلاف الصفة في الجناية بمثابة تعدد الجاني، وكل ما نذكره في محاولة الحكم بالاندراج، فهو تكلف في التعليل بمثابة الاحتيال الذي لا ثبات له، فإن قضينا بأنه لا يثبت الاندراج، فلا كلام، وإن حكمنا بالاندراج، والمقطوع يدٌ واحدة، ففي هذا حيث انتهينا إليه نظر؛ فإن حقيقة الاندراج مصيرٌ إلى سقوط الطرف، واكتفاءٌ بموجب النفس، هذا معنى قول العلماء: صارت الجراح نفساً. وإذا كان كذلك فلو قطع اليدَ خطأً، وقتل عمداً، وقلنا: تجب دية واحدة، فقد نقل عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: يجب نصف الدية مخففاً على العاقلة ونصفه مغلظاً في مال الجاني.

والوجه عندي أن يقال: تجب دية كاملة في مال الجاني؛ نظراً إلى القتل الواقع عمداً، وكأن قطع اليد لم يكن، فكأن أثر الطرف يسقط عند جريان القتل، وكذلك إذا وقع قطع الطرف عمداً والقتل خطأ، فالوجه النظر إلى صفة القتل لا غير، وإيجاب الدية كاملةً مخففةً على العاقلة.

وقد أشار إلى ما ذكرناه أنا إن قلنا: لا يندرج الطرف تحت النفس عند اختلاف صفة الجناية، فتنفرد [كل واحدة من الجنايتين] (٢) بحكمها، ونضرب موجَب ما كان عمداً على مال الجاني، وموجب ما كان خطأ على العاقلة، فإن رأينا الإدراج والرد إلى دية واحدة مع اختلاف الجنايتين، ففي المسألة وجهان: أقيسهما - النظر إلى القتل وصفته وإسقاطُ الطرف وترك اعتبار كيفية الجناية عليه.


(١) في الأصل: "فاتخذ".
(٢) في الأصل: "كل واحد من الجانبين".