للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أنس : أن النبي أشرف على المدينة فقال: «اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما حرَّم إبراهيم مكة»، وفي لفظٍ: «لا يقطع شجرها» متفق عليه (١)، وفي لفظ: «نهى أن يُعضد شجرها، أو يؤخذ طيرها» (٢).

فأما ما تدعو الحاجة إليه للمَساند، والوسائد، والرَّحل، والحشيش للعلف، فيجوز أخذه؛ لما روى الإمام أحمد في مسنده: «أن النبي لما حرم المدينة قالوا يا رسول الله: إنّا أصحابُ عملٍ وأصحاب نَضحٍ، وإنّا لا نستطيع أرضًا غير أرضنا فرخِّص لنا، فقال: القائمتان، والوسادة، والعارضة، والمَسَدُ، فأما غير ذلك فلا يعضد ولا يُخبط منها شيءٌ» (٣)، المَسَدُ: مِروَدُ البَكرة (٤)، استثناه كاستثنائه الإذْخِرَ بمكة.

وعن علي عن النبي قال: «المدينة حرامٌ ما بين عير إلى ثورٍ، لا يُختَلى خَلاها، ولا ينَفَّر صيدها، ولا يَصْلُح أن يقطع منها شجرةٌ، إلا أن يعلف رجلٌ بعيره» (٥)، وعن جابر أن رسول الله قال: «لا يُخبط ولا يعضد حِمى رسول الله ، ولكن يُهش هشًّا رفيقًا» رواهما أبو داود (٦)، ولأن المدينة يَقرب منها شجرٌ وزرعٌ فلو منعنا من


(١) أصل الحديث في صحيح البخاري (٥١٠٩) ٥/ ٢٠٦٩، وقد سبق تخريجه عند مسلم قريبًا، والرواية التي ذكرها المصنف هي في البخاري (١٧٦٨) ٢/ ٦٦١.
(٢) لم أعثر على من خرج هذه الزيادة بهذا اللفظ، وقد رواها ابن المنذر في الإشراف ٣/ ٤٠٢، وابن قدامة في المغني ٣/ ١٧٢ بلا إسناد.
(٣) لم أعثر على الحديث في مسند أحمد، والحديث أخرجه بنحوه الطبراني في المعجم الكبير ١٧/ ١٨ وفيه كثير بن عبد الله المزني وهو ضعيف الحديث. ينظر: تقريب التهذيب ١/ ٤٦٠.
(٤) المسد: هو عود من الخشب، وهو المحور الذي تدور عليه البكرة من حديد. ينظر: لسان العرب ٣/ ٤٠٣.
(٥) سبق تخريجه قريبًا.
(٦) سنن أبي داود (٢٠٣٩) ٢/ ٢١٧، قال النووي في المجموع ٧/ ٣٩٧: «رواه أبو داود بإسناد غير قوي، لكنه لم يضعفه»، وحسنه الذهبي في الميزان ٢/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>