للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي وأبوه رئيسَ المشركين قُتِلَ ببدر، وأبو عبيدة قَتَل أباه في الجهاد، فأنزل الله تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْماً﴾ [المجادلة: ٢٢] الآية (١).

[١٢٥٥/ ١٤] مسألة: (ولا يَحِلُّ للمسلمين الفِرار من ضعفهم، إلا متَحرِّفين للقتال، أو متحيزين إلى فئةٍ (٢)؛ لقول سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ﴾ [الأنفال: ١٥] وقال سبحانه: ﴿إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا﴾ [الأنفال: ٤٥]، وذكر النبي الفرارَ من الزحف فعَدَّه من الكبائر (٣).

وإنما يجب الثَّبات بشرطين: أحدهما: أن يكون الكفار ضِعْفَ المسلمين أو أقلَّ، فإن كانوا أكثر من ضِعْفِ المسلمين فلهم الفرار؛ لقوله سبحانه: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ [الأنفال: ٦٦]، وهذا إن كان لفظه لفظ الخبر فالمراد به الأمر والفرض، بدليل قوله سبحانه في صدرها: ﴿الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً﴾، ولو أريد به الخبر لم يكن رَدُّنا من غلبة الواحد للعشرة إلى غلبته للاثنين تخفيفًا، ولأن خبر الله صدق لا يقع بخلاف مُخبَره، وقد علم أنه لا يقع الظَّفر للمسلمين في كل مرةٍ، فعُلِم أنه أمرٌ وفرضٌ، ولم يأت بشيءٍ ينسخ هذه الآية فوجب الحكم بها.


(١) رواه أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري في تفسيره ٩/ ٢٦٤ تعليقًا عن مقاتل بن حيان، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود ، ورجال إسناده ثقات، فمقاتل الإمام العلم، ومرة هو ابن شراحيل الهمداني، ثقة ثبت سماعه من ابن مسعود.
(٢) في المطبوع من المقنع ص ١٣٧ زيادة قوله: (وإن زاد الكفار فاهم الفرار، إلا أن يغلب على ظنهم الظفر).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة (٢٦١٥) ٣/ ١٠١٧، ومسلم في صحيحه (٨٩) ١/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>