للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقول في تخريب بيوتهم العامرة كالقول في قطع شجرهم وإحراق زرعهم.

وهذا ما لم يكونوا يفعلون ذلك في بلدنا، فإن كانوا يفعلونه في بلدنا فعلناه في بلدهم مجازاةً على فعلهم، ومقابلة لهم بمثل جريمتهم، ولعلهم ينتهون. (١)

[١٢٥٩/ ١٨] مسألة: (وكذلك رَميهم بالنار، وفَتحُ الماءِ ليُغْرِقَهم)، وذلك أنه إذا قَدَرَ عليهم لم يُحرِّقهم بالنار؛ لما روى حمزة الأسلمي (٢) أنَّ رسول الله أَمَّرَه على سريةٍ، قال فخرجت فيها فقال: إن أخذتم فلانًا فأَحْرِقوه بالنار فوَلَّيتُ، فناداني فرجعت، فقال: «إن أخذتم فلانًا فاقتلوه ولا تُحْرِقوه، فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار»، رواه سعيد وأبو داود (٣)، وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي : «وأن النار لا يعذب بها إلا الله» (٤) وفي البخاري عن ابن عباس عن النبي : «لا تعذبوا بعذاب الله» (٥). (٦)

وإن قَدر عليهم بغير النار لم يجز تحريقهم بها؛ لأن الحاجة غير


(١) ما قرره المصنف في الرواية الثانية من جواز قطع ما لا نفع فيه ولا ضرر بالمسلمين هو المذهب. ينظر: المغني ٩/ ٢٣٤، والفروع ١٠/ ٢٥٤، والإنصاف ١٠/ ٦٥، وكشاف القناع ٧/ ٤٥.
(٢) حمزة الأسلمي هو: حمزة بن عمرو الأسلمي (ت ٦١ هـ)، صحابي، روى عن النبي وعن عدد من الصحابة، روى عنه أهل المدينة، وكان يسرد الصوم. ينظر: الاستيعاب ١/ ٣٧٥، والإصابة ٣/ ١٢٣.
(٣) سنن سعيد بن منصور ٢/ ١٨٥ عن حمزة الأسلمي، وسنن أبي داود (٢٦٧٣) ٣/ ٥٤، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده من حديث حمزة بن عمرو (١٦٠٧٨) ٣/ ٤٩٤، قال ابن حجر في الفتح ٦/ ١٤٩: «إسناده صحيح».
(٤) صحيح البخاري (٢٧٩٥) ٣/ ١٠٧٩، ولم أجده في صحيح مسلم.
(٥) صحيح البخاري (٢٨٥٤) ٢/ ١٠٩٨.
(٦) قال في الإنصاف ١٠/ ٦٦: «وكذلك رميهم بالنار وفتح الماء ليغرقهم، وكذا هدم عامرهم يعني: أن رميهم بالنار وفتح الماء ليغرقهم كحرق شجرهم وزرعهم وقطعه خلافًا ومذهبًا وهو إحدى الطريقتين في المذهب، والطريق الثاني: الجواز مطلقًا، وجزم في المغني والشرح بالجواز إذا عجَزوا عن أخذه بغير ذلك وإلا لم يجز»، قلت: وعلى الطريقة الثانية مشى المصنف كما في الصلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>