كتاب شرح المقنع للبهاء المقدسي

باب - فصل [تبييت العدو] - ج: 3 - ص: 29

صحيح»، ولأنه كافرٌ فيه ضَرَرٌ، ولا نَفْعَ في حياته، فيقتل كالشّابِّ، ولأنَّ الرَّأي والمكيدة من أعظم المعونة في الحرب.

وقد جاء عن معاوية ﵁ أنه قال لمروان (١) والأسود (٢): «أَمَدَدتُما عليًّا بقَيس بن سعد (٣) وبرأيه ومكايدته! فوالله لو أنكما أمدَدْتُّماه ثمانية آلاف مقاتل ما كان أغيظ لي من ذلك» (٤)، وقال الشاعر (٥):

الرَّأي قبلَ شجاعةِ الشُّجعانِ … هو أوَّلٌ وهيَ المَحلُّ الثاني

وإذا هما اجتمعا لنفسٍ مَرَّةً … بلَغَتْ من العَلياء كلَّ مَكانِ

ولرُبَّما طَعَنَ الفَتى أقرانَهُ … بالرَّأْيِ قَبلَ تَطاعُنِ الفُرسانِ

---

(١) مروان هو: أبو عبد الملك مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي المدني (٢ - ٦٥ هـ)، ولي خلافة المسلمين في آخر سنة أربع وستين، قال ابن حجر: «ورَوى عن النبي ﷺ ولا يصح له منه سماع». ينظر: تاريخ الإسلام ٥/ ٢٢٧، وتهذيب التهذيب ١٠/ ٨٣.
(٢) الأسود هو: ابن أبي البختري القرشي الأسدي، واسم أبي البختري العاص بن هشام ابن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي، صحابي، أسلم الأسود يوم الفتح وصحب النبي ﷺ وكان من رجال قريش. ينظر: الاستيعاب ١/ ٩٨، وأسد الغابة ١/ ١٢٨.
(٣) قيس بن سعد هو: أبو عبد الملك ابن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي (ت ٦٠ هـ)، صحابي، أحد دهاة العرب، وأهل الرأي والمكيدة في الحروب، مع النجدة والبسالة والسخاء والكرم، ولي مصر في عهد علي ﵁، ثم لزم المدينة وأقبل على العبادة حتى مات بها. ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٢٨٩، والإصابة ٥/ ٤٧٣.
(٤) أخرجه الطبري في تاريخه ٣/ ٦٧.
(٥) الأبيات للشاعر أبي الطيب المتنبي. ينظر: شرح ديوان أبي الطيب المتنبي لأبي العلاء المعري ٣/ ٥٢٨.