للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن امتنع الأسير من الانقياد معه فله إكراهه بالضرب وغيره، فإن لم يُمكن إكراهه فله قتله، وكذلك إن خافه قَتَلَه.

فإن كان امتناعه لمرضٍ قَتَلَه أيضًا، وقد توقف أحمد عن قتله (١)، والأولى قتله، كما أنه يُذَفَّفُ على الجريح، ولا يَدَعه حيًّا يعود ضرره على المسلمين. (٢)

فأما أسير غيره فلا يقتله.

فإن قتل أسيره أو أسير غيره لم يضمنه؛ لأنه ليس بمالٍ فلم يَغرَمْه، كما لو قتل كلبًا، ولذلك أبيح للأمير إتلافه، ولأنه أتلف ما ليس بمال.

فأما إن قتل امرأةً أو صبيًّا غَرِمَ؛ لأنهما مالٌ، فإنهما صارا بنفس السَّبي رقيقًا.

[١٢٦٥/ ٢٤] مسألة: (ويخير الإمام في الأسرى بين القتل، والاسترقاق، والمَنِّ، والفداء بمسلم أو بمالٍ (٣)، فأما الفداءُ والمَنُّ فلقول الله تعالى: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً﴾ [محمد: ٤]، ولأن النبي مَنَّ على أبي عَزَّةَ الشاعر يوم بدر (٤)، ومَنَّ على أبي العاص بن الربيع (٥)، وعلى ثُمامة بن


(١) لم أعثر عليه فيما وقفت عليه من كتب الرواية عن الإمام. ينظر: الهداية ص ٢١٢، والمغني ٩/ ١٨٢.
(٢) ما قرره المصنف من أن الأسير إذا امتنع عن المسير جاز قتله هو الصحيح من المذهب. ينظر: المغني ٩/ ١٨٢، والفروع ١٠/ ٢٥٦، والإنصاف ١٠/ ٧٨، وكشاف القناع ٧/ ٥٧.
(٣) في المطبوع من المقنع ص ١٣٧ زيادة قوله: (وعنه: لا يجوز بمال، إلا غير الكتابي، ففي استرقاقه روايتان، ولا يجوز أن يختار إلا الأصلح للمسلمين)، وسياق المسألة يتضمنها.
(٤) أبو عزة الشاعر هو: عبد الله بن عمرو بن عبد الجمحي، أخرج الحديث البيهقي في سننه الكبرى ٩/ ٦٥ عن سعيد بن المسيب مرسلًا.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة (٢٦٤٠٥) ٦/ ٢٧٦، وأبو داود في سننه (٢٦٩٢) ٣/ ٦٢، وقال الحاكم في مستدركه ٣/ ٢٥: «حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه».

<<  <  ج: ص:  >  >>