للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقرارهم على كفرهم بالجزية فبالرِّق أولى؛ لأنه أبلغ في صَغارهم.

وإن كان من غيرهم ففيه روايتان: إحداهما: لا يجوز إرقاقه، اختارها الخرقي (١)؛ لأنه لا يُقَرُّ بالجزية فلم يجز إرقاقه كالمرتد.

والثانية: يجوز؛ لأنه كافرٌ أصليٌّ فأشبه الكتابي. (٢)

فإن أسلم الأسير حَرُم قتله؛ لقوله: «لا يَحلُّ دم امرئٍ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاثٍ» (٣)، ويتَخيَّر فيه بين المَنِّ عليه؛ لأنه إذا جاز المَنُّ عليه حال كفره ففي حال إسلامه أولى، وبين إرقاقه وفدائه.

وقال أصحابنا: يصير رقيقًا بنفس الإسلام، ويسقط التَّخَيُّر لأنه ممن يَحرُم قتله فأشبه المرأة. (٤)

وأما النساء والصبيان فإنهم يصيرون رقيقًا بنفس السَّبي؛ لأنهم مالٌ لا ضرر في اقتنائه فأشبهوا البهائم.

وأما الرجال الذين يحرم قتلهم كالشيخ الفاني ونحوه فلا يجوز سبيهم؛ لأنه لا نفع في استرقاقهم، ولا يحل قتلهم.

إذا ثبت هذا فإن التخيير الثابت في الأسرى تخيير مصلحةٍ واجتهادٍ لا تخيير شهوةٍ، فمتى رأى المصلحة للمسلمين في أحد الخصال تَعيَّنت عليه ولم يجز غيرها؛ لأنه ناظرٌ للمسلمين، فلم يجز له ترك ما فيه الحظُّ كَوليِّ اليتيم.


(١) ينظر: توثيق قوله في المغني ٩/ ١٨١.
(٢) الصحيح من المذهب جواز استرقاق غير الكتابي. ينظر: الكافي ٥/ ٤٨٢، والفروع ١٠/ ٢٥٧، والإنصاف ١٠/ ٨٢، وكشاف القناع ٧/ ٦٦.
(٣) سبق تخريجه في ١/ ٣١٥.
(٤) ما قرره المصنف من أن الأسير إذا أسلم صار رقيقًا في الحال، وزال التخيير فيه، وصار حكمه حكم النساء هو الصحيح من المذهب، والرواية الثانية: يحرم قتله ويخير الإمام فيه بين الخصال الثلاثة الباقية. ينظر: الكافي ٥/ ٤٨٥، والفروع ١٠/ ٢٦٥، والإنصاف ١٠/ ٩١، وكشاف القناع ٧/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>