للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمتى رأى القتل ضرب عنقه بالسيف؛ لقول الله تعالى: ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ [محمد: ٤]، ولأن النبي أمر بالذين قتلهم فضربت أعناقهم.

ولا يجوز التمثيل به؛ لما روى بريدة أن رسول الله كان إذا أمَّرَ أميرًا على جيشٍ أو سَريةٍ قال: «اغزوا باسم الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تُعذبوا، ولا تُمثلوا، ولا تَغُلُّوا» (١).

وإن اختار الفداء جاز أن يفديهم بأُسارى المسلمين، وجاز بالمال؛ لأن النبي فعل الأمرين (٢)، وقال أبو الخطاب: «لا يجوز فداؤهم بالمال في أحد الوجهين كما لا يجوز بيع رقيق المسلمين للكفار في إحدى الروايتين» (٣)، ولأنه إذا لم يَجُز أن يبيعهم السلاح لما فيه من تقويتهم على المسلمين فبيع أنفسهم أولى، فإن فادى بالمال أو استرقهم كان الرقيق والمال للغانمين.

وليس له إطلاق الأسارى ولا المال إلا برضاهم؛ لما روى مروان ابن الحكم والمِسْوَر بن مخرمة (٤) أن رسول الله لما جاءه وفد هوازن مسلمين قال: «إن إخوانكم جاؤوا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد عليهم، فمن أحب أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب أن يكون على حقِّه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل، فقال ناسٌ: قد طيَّبنا ذلك يا رسول الله» (٥).


(١) صحيح مسلم (١٧٣١) ٣/ ١٣٥٧.
(٢) سبق تخريجه قريبًا.
(٣) الهداية ٣/ ١٣٥٧، إلا أن التعليل بقوله: «كما لا يجوز بيع رقيق المسلمين للكفار في إحدى الروايتين» غير موجود.
(٤) المسور بن مخرمة هو: أبو عبدالرحمن ابن نوفل بن أهيب بن زهرة بن كلاب القرشي (٢ - ٦٤ هـ)، صحابي، قدم المدينة في ذي الحجة بعد الفتح سنة ثمان وهو غلام أيفع ابن ست سنين، وكان ملازمًا لعمر بن الخطاب . ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٩٩، والإصابة ٦/ ١٢٠.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده (١٨٩٣٤) ٤/ ٣٢٦، وأبو داود في مسنده (٢٦٩٣) ٣/ ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>