للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: «من فرق بين والدةٍ وَوَلدها فَرَّق الله بينه وبين أحبَّتِه يوم القيامة» أخرجه الترمذي (١)، وقال: «حديثٌ حسنٌ غريبٌ»، ولأن في ذلك إضرارًا بها وتَحسُّرًا منها عليه.

وظاهر كلام الخرقي أنه يحرم التَّفريق وإن كان الولد كبيرًا بالغًا (٢)، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

والثانية: يجوز، لما روي عن عبادة أن النبي قال: «لا يفرق بين الأم وولدها. فقيل: إلى متى؟ قال: حتى يَبْلغ الغلام، وتحيض الجارية» (٣)، ولحديث سلمة أنه أتى أبا بكرٍ بامرأةٍ وابنتها، فنَفَّله أبو بكر ابنتها، ثم استوهبَها منه النبي فوهبها إياه (٤)، ولأن النبي أهديت إليه ماريَّةَ وأختها سِيرين فأَمسك ماريَّةَ لنفسه ووهب سيرين لحسان بن ثابت ، ولأنَّ الأحرار يتفرقون بعد البلوغ، فإن المرأة تزوج ابنتها ويفرق بينهما، فالعبيد أولى.

ووجه الأول عموم الحديث الذي ذكرناه.

والجدُّ كالأب، والجدَّة كالأم، ولذلك يَقوم الجد والجدة مقامَ الأب والأم في الحضانة والميراث والنَّفقة، فقاما مقامهما في تحريم التَّفريق.

ويستوي في ذلك الجد والجدة من قبل الأب والأم؛ لأن للجميع حضانة فاستووا في ذلك كاستوائهم في منع شهادة بعضهم لبعض. (٥)

فإن فُرِّق بينهم فالبيع فاسد؛ لما روى أبو داود عن علي أنه فَرَّق


(١) جامع الترمذي (١٥٦٦) ٤/ ١٣٤، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده (٢٣٥٤٦) ٥/ ٤١٤، وصححه غير الترمذي الحاكم في مستدركه ٢/ ٦٣.
(٢) ينظر: توثيق ظاهر قوله من المغني ٩/ ٢١٢.
(٣) أخرجه الدارقطني في سننه ٣/ ٦٨ وضعفه، وصححه الحاكم في مستدركه ٢/ ٦٤.
(٤) سبق تخريجه في المسألة قبل السابقة.
(٥) ما قرره المصنف من عدم جواز التفرقة بين ذي الرحم المحرم هو المذهب. ينظر: الكافي ٥/ ٤٩٣، والمبدع ٣/ ٣٣٠، والإنصاف ١٠/ ١٠٠، وكشاف القناع ٧/ ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>