للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسَلَبِه لمعاذ (١)، ولأن القاطع كفى شَرَّه فأشبه القاتل.

وإن قطع يديه أو رجليه فكذلك؛ لأنه عطَّلَه، ويحتمل أن لا يستحقه؛ لأنه إن قطع رجليه قاتل بيديه، وإن قطع يديه فهو يَعْدُو ويكثِّر ويُثبِّت، فما كفى شَرَّه. (٢)

الثالث: أن يقتله حال الحرب مُنهَمِكًا على القتال غير مُثْخَنٍ (٣)، فإن قُتل أسيرًا أو مُثخَنًا بالجراح أو منهزمًا إلى غير فئةٍ لم يستحقه؛ لأن ابن مسعود وقف على أبي جهل يوم بدر فلم يعط سُلبه (٤)، ولأن استحقاق السَّلَب للمخاطرة والتَّغرير بالنفس، ولا خطر ههنا.

وإن قَتَل مُولِّيًا ليَكُرَّ أو مُتحيزًا إلى فئةٍ فله سَلَبُه؛ لأن سلمة بن الأكوع أدرك طَليعة الكفار موليًا فقتَله، فقال النبي : «من قتله؟ قالوا: ابن الأكوع. قال: فله سَلَبُه أجمع» متفقٌ عليه (٥)؛ لأن القِتال كَرٌّ وَفرٌّ.

الرابع: أن يُغَرِّرَ بنفسه في قتله، كالمبارز، فإن قَتَله بسهمٍ رماه من صَفِّ المسلمين ونحوه لم يستحقه؛ لأن الخبر إنما ورد في المبارزة ونحوه.

(وعنه: لا يستحقه إلا من شَرَطَ له الإمام (٦)؛ لأنه أمر مُجتهد فيه فلا يأخذه إلا بإذنه كالسهم، ولأنه نَفَلٌ فلا يستحقه إلا بإذنه كسائر


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٩٧٢) ٣/ ١١٤٤، وصحيح مسلم (١٧٥٢) ٣/ ١٣٧٢.
(٢) ما قرره المصنف من أن السلب للذي قطع يد المقتول ورجله هو المذهب. ينظر: الكافي ٥/ ٥١٦، والفروع ١٠/ ٢٧٦، والإنصاف ١٠/ ١٦٣، وكشاف القناع ٧/ ١١٥.
(٣) منهمكًا على القتال غير مثخَن: قال في المطلع ص ٢١٥: «المنهمك اسم فاعل من انهمك الرجل في الأمر إذا جَدَّ ولَجَّ، والمثخَن اسم مفعول من أثخَنَتْهُ الجراحُ إذا أوهَنَتْهُ».
(٤) سبق تخريجه قريبًا.
(٥) صحيح البخاري (٢٨٨٦) ٣/ ١١١٠، وصحيح مسلم (١٧٥٤) ٣/ ١٣٧٤.
(٦) وذلك فيما نقله حرب الكرماني عن الإمام. ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>