للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما هو إقرار يَدٍ مكان يَدٍ، وإن أقرض بعضهم بعضًا لم يكن قرضًا صحيحًا، ولكن الثاني أحق به من الأول لثبوت يده عليه، وليس عليه إيفاؤه، فإن وَفّاه أو رَدَّه إليه عادت اليد للأول، وكذلك أبدًا ما لم ينْفَصلا عن دار الحرب، فإن انفصلا عنها والطعام في يد المقترض فحكمه حكم الطعام الذي يَفضُل في يده على ما يأتي.

وإن باعه لغازٍ بذهب أو فضةٍ أو غير الطعام والعلف فلا بيع بينهما، والآخر أحق به لثبوت يده عليه وكون الطعام والعلف مما يباح في دار الحرب لمن حصل في يده، فإن لم يكن دَفع إليه الثمن فإنه لا يدفع إليه شيئًا، وإن دفع إليه الثمن فله الرجوع فيه، وعلى من هو في يده رَدُّه إليه بكل حال (١).

[١٢٨٨/ ١٧] مسألة: (فإن فضَل معه منه شيءٌ فأدخله البلد ردَّه في الغنيمة)؛ لأنه إنما جاز له أخذه للحاجة إلى أكله في دار الحرب.

فإذا أخذه على وجه يفضل منه إلى دار الإسلام فقد أخذ ما لا يحتاج إليه، فيلزمه ردُّه إن كان كثيرًا.

(وإن كان يسيرًا ففيه روايتان:) إحداهما: له أكله؛ لأن ما كان مباحًا له في دار الحرب، فإذا أخرجه كان أحقَّ به كالذي لا قيمة له في دار الحرب، قال أحمد: «أهل الشام يتَسهَّلون فيه» (٢)، قال الأوزاعي: «أدركت الناس يَقْدَمون من أرض العدو ويفضُلُ الطعام والعلف، فيعلفون داوبهم، ويُهديه بعضهم إلى بعض، لا ينكره إمام ولا عاملٌ ولا جماعة،


(١) لم أعثر على توثيق كلام القاضي فيما وقفت عليه من كتبه، ولم يظهر لي موضع انتهاء كلام القاضي لتداخله مع كلام المصنف، وهو كذلك في المغني ٩/ ٢٢٣، والشرح الكبير ١٠/ ١٨٣.
(٢) ينظر: بنحوه في زاد المسافر ٣/ ١٢٠، حيث نقل عن عدد ممن روى عن الإمام معنى كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>