للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن النبي لم يُجبره على الرجوع معهم (١).

(وله أن يأمره سرًّا بقتالهم والفرار منهم)؛ لأن أبا بصير جاء إلى النبي في صلح الحديبية، فجاؤوا في طلبه، فقال له النبي : «إنا لا يصلح في ديننا الغدر، وقد علمت ما عاهدناهم عليه، ولعل الله أن يجعل لك فرجًا ومخرجًا، فرجع معهم فقَتَلَ أحدهم، ورجع إلى النبي فلم يَلمْهُ ولم ينكر عليه، بل قال: ويل أمِّه مِسْعَرَ حربٍ لو كان معه رجالٌ، فلما سمع ذلك لحق بساحل البحر، وانحاز إليه أبو جَندل بن سهيل (٢) ومن معه من المستضعفين بمكة، فجعلوا لا تَمرُّ عِيرٌ لقريشٍ إلا عَرضوا لها، فأخذوها وقتلوا من معها، فأرسلت قريش إلى رسول الله تناشده الله والرَّحم أن يضمهم إليه، ولا يرد إليهم أحدًا جاءه، ففعل» (٣).

فيجوز حينئذ لمن أسلم من الكفار أن يفعلوا كما فعل أبو بصير وأصحابه ولا يدخلون في الصلح؛ لأن النبي لم ينكر ذلك، بل رآه حقًّا.

[١٣٤٨/ ٢] مسألة: (وعلى الإمام حماية من هادَنه من المسلمين دون غيرهم)، يعني إذا هادن الكفار لزمه أن يحميهم من المسلمين وأهل الذِّمة؛ لأنه أمَّنهم ممن هو في قبضته وتحت يده، فمن أتلف من المسلمين أو أهل الذِّمة عليهم شيئًا، أو قتل منهم أحدًا فعليه ضمانه.

ولا يلزم الإمام حمايتهم من أهل الحرب ولا حماية بعضهم من


(١) سبق تخريجه من حديث المسور بن مخرمة في صلح الحديبية في المسألة [١٣٤٥/ ٩].
(٢) أبو جندل بن سهيل هو: ابن عمرو القرشي العامري، وقيل: اسمه عبدالله، صحابي، كان من السابقين إلى الإسلام وممن عُذِّب بسبب إسلامه، واشتهر بكنيته وبحديث الحديبية كأبي بصير، واستشهد باليمامة وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. ينظر: الاستيعاب ٤/ ١٦٢١، والإصابة ٧/ ٦٩.
(٣) سبق تخريجه من حديث المسور بن مخرمة في صلح الحديبية في المسألة [١٣٤٦/ ٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>