للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم بأسٌ وشِدَّةٌ، وهم عَرَبٌ يأنفون من الجزية، فلا تُعِنْ عليك عَدُوَّك، وخُذْ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم فردَّهم وضَعَّف عليهم من الإبل من كلِّ خمسٍ شاتين، ومن كلِّ ثلاثين من البقر تبيعين، ومن كلِّ عشرين دينارًا دينارًا، ومن كل مئتي درهمٍ عَشرةَ دراهم، ومما سقت السماء الخُمُسَ وفيما سُقيَ بنَضْحٍ أو غَرْب (١) أو دولابٍ (٢) العُشْرَ» (٣)، فاستقر ذلك من قول عمر ولم يخالفه غيره من الصحابة فكان إجماعًا (٤).

قال أصحابنا: حكم المأخوذ منهم حكم الزكاة في أنه يؤخذ من مال كل من يؤخذ منه الزكاة لو كان مسلمًا.

فعلى هذا (يؤخذ من نسائهم وصبيانهم ومجانينيهم) وزَمْناهم (٥) ومَكافيفِهم (٦) وشيوخهم؛ لأنهم سألوا عمر أن يأخذ منهم ما يَأخذ بعضكم من بعض فأجابهم، ولأنهم صِينوا عن السَّبْيِ بهذا الصلح، فجاز أن يدخلوا إلى الواجب به كالرجال، ولا يؤخذ من مال من لم يبلغ نصابًا.

[١٣٥١/ ٢] مسألة: (و) اختلف أصحابنا في (مصرفه)، فقال القاضي: «مصرفه (مصرف الفيء (٧) (٨)؛ لأنه جزيةٌ باسم الزكاة، ومعنى الشيء أخَصُّ به من اسمه، ولأنه مالُ مشركٍ أُخذ بغير قتالٍ فكان فيئًا كالجزية.


(١) غرب: الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور. ينظر: لسان العرب ١/ ٦٤٢.
(٢) الدولاب: الآلة التي يسقى به الماء. ينظر: لسان العرب ١/ ٣٧٧.
(٣) أخرجه أبو عبيد في الأموال ص ٣٧، وابن أبي شيبة في مصنفه ٢/ ٤١٦، وصححه الشافعي في الأم ٤/ ٢٨١.
(٤) ينظر: توثيق حكاية الإجماع في المغني ٩/ ٢٧٥، والكافي ٥/ ٥٨٦.
(٥) زمناهم: مفردها زمن، وهو ذو البلاء والعاهة. ينظر: لسان العرب ١٣/ ١٩٩.
(٦) مكافيفهم: مفردها مكفوف، وهو الأعمى الذي ذهب بصره. ينظر: لسان العرب ٩/ ٣٠٣.
(٧) في المطبوع من المقنع ص ١٤٧، قوله: (مصرف الجزية).
(٨) لم أعثر عليه فيما وقفت عليه من كتب القاضي. ينظر: توثيق قوله في المغني ٩/ ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>