كتاب شرح المقنع للبهاء المقدسي

باب - فصل [لا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها] - ج: 3 - ص: 199

وفي الآخر: لا يصِحُّ لأنها عقود معاوضةٍ أشبهت البيع. (١)

[١٤٤٢/ ٣٨] مسألة: (ولا يصح بيع العصير ممن يَتَّخذُه خمرًا)؛ لقول الله سبحانه: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]، وهذا نَهيٌ يقتضي التحريم، وروي عن النبي ﷺ أنه لعن في الخمر عَشَرةً، روى أنس بن مالك ﵁ قال: «لعن رسول الله ﷺ في الخمر عَشَرةً: عاصرَها، ومُعتَصِرَها، وشارِبَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه، وساقيَها، وبائعَها، وآكِلَ ثمَنِها، والمشترِي لها والمشتَرَى له»، قال الترمذي: «حديث غريب من حديث أنس، وقد روي عن ابن عباس وابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ» (٢).

وروى ابن عباس ﵁ أن النبي ﷺ أتاه جبريل فقال: «يا محمد، إن الله لعن الخمرَ، وعاصرَها، ومعتصرَها، وحاملَها، والمحمولةَ إليه، وشاربَها، وبائعَها، ومبتاعها، وساقيها» أخرجه الترمذي، وقال: «هو غريب» (٣)، فأشار إلى كل معاونٍ عليها ومساعد فيها.

وروى ابن بطة (٤) بإسناده عن محمد بن سيرين أن قَيِّمًا كان لسعد بن

---

(١) ما قرره المصنف في الوجه الأول من صحة عقد النكاح بعد النداء الثاني للجمعة وسائر العقود غير البيع هو المذهب. ينظر: الكافي ٣/ ٦٣، والفروع ٦/ ١٧١، والإنصاف ١١/ ١٦٧، وكشاف القناع ٧/ ٣٧٢.
(٢) جامع الترمذي (١٢٩٥) ٣/ ٥٨٩، وابن ماجه في سننه (٣٣٨١) ٢/ ١١٢٢، وأحمد في مسنده من حديث ابن عباس ﵁ (٢٨٩٩) ١/ ٣١٦، وحديث ابن عمر ﵁ (٤٧٨٧) ٢/ ٢٥، وأبو داود في سننه من حديث ابن عمر ﵁ (٣٦٧٤) ٣/ ٣٢٦، وقال ابن القطان في بيان الوهم ٣/ ٥٨٧ عن رواية أنس في الترمذي: «ولم يبين لم لا يصح، وذلك لأنه من رواية أبي عاصم، عن شبيب بن بشر عن أنس، وشبيب لم تثبت عدالته، وقال فيه أبو حاتم: لين الحديث» وصححه من رواية ابن عباس ﵁ ابن حبان في صحيحه ١٢/ ١٧٨، والحاكم في مستدركه ٢/ ٣٧. ينظر: البدر المنير ٨/ ٦٩٧.
(٣) ينظر: الحاشية السابقة.
(٤) ابن بطة هو: أبو عبدالله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري (٣٠٤ - ٣٨٧ هـ)، فقيه حنبلي محدث، قال الذهبي: «فقيه إمام، لكنه ذو أوهام في الحديث، ومع ذلك فهو إمام في السنة إمام في الفقه صاحب أحوال وإجابة دعوة»، سمع من عبدالله بن محمد البغوي، وأبي محمد بن صاعد، وإسماعيل بن العباس الوراق، وأبي بكر النيسابوري، أخذ عن أبي بكر عبد العزيز - غلام الخلال -، والخرقي وجماعة، وله اختيارات في المذهب وترجيحات. ينظر: طبقات الحنابلة ٣/ ٢٥٦، ولسان الميزان ٤/ ١١٢.