للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلمة (١) اشترى من نبطيٍّ جُرْزَة (٢) حطبٍ وشرط عليه حَملها (٣)، ولأنه بَيعٌ وإجارةٌ فصَحَّ كما لو باعه عَبده وأَجَّرَه داره في عَقدٍ واحدٍ.

(وذكر الخرقي: في جَزِّ الرَّطبةِ: إن شرطه على البائع لم يصِحَّ (٤)، فيُخرَّجُ هنا مثله)، وكذلك كلُّ مَوضعٍ شُرِطَ فيه منفعة البائع؛ لأنه شَرَطَ عَقدًا في عقدٍ، فلم يصِحَّ كما لو باعه بشرط أن يبيعه عينًا أخرى.

ويحتمل أن يختص قوله بهذه الصُّورةِ وشِبْهِها لإفضائه إلى التَّنازع، فإن البائع يريد قَطعَها من أعلاها لتبقى له منها بَقِيَّةٌ، والمشتري يريد الاستقصاء عليها. (٥)


(١) محمد بن مسلمة هو: أبو عبد الله ابن سلمة الأنصاري (ت ٤٦ هـ)، صحابي، قيل: إنه ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة، وكان ممن سمي في الجاهلية محمدًا، شهد بدرًا وما بعدها إلا غزوة تبوك فإن النبي استخلفه بالمدينة، وصحب النبي هو وأولاده جعفر، وعبد الله، وسعد، وعبد الرحمن، وعمر، وكان ممن اعتزل الفتنة واتخذ سيفًا من خشب، فلم يشهد الجمل ولا صفين، وتوفي بالمدينة. ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٣٧٧، والإصابة ٦/ ٣٤.
(٢) الجرزة: هي الحزمة من القت ونحوه. ينظر: لسان العرب ٥/ ٣١٧.
(٣) أخرجه صالح ابن الإمام أحمد في مسائله عن أبيه ص ١٦٨، قال: «أملى علي أبي فقرأته عليه قال: حدثنا إسماعيل، قال: أخبرنا أبو حيان، عن عباية بن رافع بن خديج عن عمر في قصة طويلة -، وفيها أن محمد بن مسلمة رأى نبطيًا يدخل الكوفة بقصب له على حمار له يبيعه، فابتاعه منه واشترط عليه أن يلقيه عند باب الأمير، فجاء حتى ألقاه عند باب الأمير»، وأورد ابن حجر في المطالب العالية ٩/ ٦٣ من طريق إسحاق بن راهويه قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أبو حيان التميمي، قال ابن حجر: «رجاله ثقات، لكن فيه انقطاعًا».
(٤) ينظر: توثيق قوله في المغني ٤/ ٧٩.
(٥) ما قرره المصنف من جواز اشتراط المشتري نفع البائع في المبيع هو الصحيح من المذهب، وحكي قول الخرقي رواية في المذهب تخريجًا كما أشار له المصنف. ينظر: الكافي ٣/ ٦٠، والفروع ٦/ ١٨٨، والإنصاف ١١/ ٢٢٤، وكشاف القناع ٧/ ٣٩٥. فائدة: قال في الإنصاف ١١/ ٢٢٣: «تنبيه: فعلى الصحة لا بد من معرفة النفع؛ لأنه بمنزلة الإجارة، فلو شرط الحمل إلى منزله وهو لا يعرفه لم يصح».

<<  <  ج: ص:  >  >>