للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي في المجرد: «ظاهر كلامه أنه متى شَرَطَ في العقد شرطين بَطَلَ، سواءٌ كانا صحيحين أو فاسدين، لمصلحة العقد أو لغير مصلحة، أخذًا بظاهر الحديث، وهو الصحيح» (١).

والظاهر أن كلَّ شرطين يفسدان البيع، إلا أن يشترط ما هو مقتضى العقد: مثل أن يبيعه بشرط أن يُسَلِّم إليه، أو يَنْقُدَه الثمن وأشباه ذلك، فهذا وجوده كعدمه لا أثر له، وإن كَثُرَ.

ولم يفرق الشَّافعي (٢) وأصحاب الرَّأي (٣) بين الشرط والشرطين، وجعلوا الصحيح منها لا يؤثر في العقد، والفاسد يفسده وإن كان شرطًا واحدًا.

وحديث بَريرة حجةٌ عليهم، فإن أهلها اشترطوا الولاء وأبوا أن يبيعوها إلا أن يكون لهم الولاء، فذكرت عائشة ذلك للنبي ، فقال: «اشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق» (٤)، فاشتَرَت بشرط الولاء، وهو شرطٌ، فاسدٌ بدليل قوله : «كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مئة شَرْطٍ» (٥)، والعمل بقول النبي أولى. (٦)


(١) كتاب المجرد للقاضي غير موجود - يسر الله وجوده -، ولم أجده في المطبوع من كتبه. ينظر: توثيق قوله في المغني ٤/ ١٥٦.
(٢) ينظر: الحاوي الكبير ٥/ ٣١٣، والمهذب ١/ ٢٦٨، والمجموع ٩/ ٣٥٨.
(٣) ينظر: بدائع الصنائع ٥/ ١٥٦، وشرح فتح القدير ٦/ ٤٤٣، والمبسوط للسرخسي ١٣/ ٨.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة (٢٤٢٤) ٢/ ٩٠٤، ومسلم في صحيحه (١٥٠٤) ٢/ ١١٤٢.
(٥) هو جزءٌ من الحديث السابق تخريجه.
(٦) ما قرره المصنف من أن الشرطين المفسدين للعقد هما الشرطان اللذان لا يكونان من مصلحة العقد مطلقًا سواءٌ كانا صحيحين أو فاسدين هو المذهب، والرواية الثانية: أن الجمع بين الشرطين إذا لم يكونا فاسدين صحيح. ينظر: الكافي ٣/ ٦١، والفروع ٦/ ١٩٠، والإنصاف ١١/ ٢٢٨، وكشاف القناع ٧/ ٣٩٦. ومذهب المالكية: الشروط عندهم تنقسم ثلاثة أقسام: شروط تبطل هي والبيع معًا، وشروط تجوز هي والبيع معًا، وشروط تبطل ويثبت البيع مطلقًا بدون تحديد شرط أو أكثر. ينظر: جامع الأمهات ص ٣٤٩، وبداية المجتهد ٣/ ١٧٨، وشرح مختصرخليل ٥/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>