للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والرواية الأخرى: يبرأ من كلِّ عَيبٍ لم يعلمه، ولا يبرأ من عيبٍ علمه (١).

ويتخَرَّج أن يَبرأ من العيوب كلها بالبراءة بناءً على البراءة من المجهول فإنه أجازه (٢)، روي ذلك عن زيد بن ثابت وابن عمر (٣)، لما روت أم سلمة أن رجلين اختصما في مواريث دَرَسَتْ إلى رسول الله ، فقال رسول الله : «استَهِما وتَوخَّيا (٤)، وليُحَلِّل كل واحدٍ منكما صاحبه» (٥)، فدَّلَ على أن البراءة من المجهول جائزة.

ولنا: أنه لا يبرأ إلا بالإعلام أنه مَرْفِقٌ في البيع، لا يثبت إلا بالشرط، فلا يثبت مع الجهالة كالخيار والأجل والضمين.

ووجه الرواية الأخرى: ما روى الإمام أحمد: «أن عبد الله بن عمر باع عبدًا من زيد بن ثابت بشرط البراءة بثمانمئة درهمٍ، فأصاب به زيد عيبًا فأراد رَدَّه على ابن عمر فلم يقبله، فترافعا إلى عثمان ، فقال عثمان لابن عمر: أتحلف أنك لم تعلم بهذا العيب؟ فقال: لا. فَرَدَّه عليه، فباعه ابن عمر بألف درهمٍ» (٦)، وهذه قصة اشتهرت فلم


(١) وذلك في رواية أبي طالب عن الإمام. ينظر: زاد المسافر ٤/ ١٦٨.
(٢) البراءة من المجهول في رواية الحسن بن ثواب وأبي الحارث عن الإمام، والتخريج الذي ذكره المصنف ذكره أبو الخطاب في الانتصار - وهو في الجزء المفقود يسر الله وجوده - رواية في المذهب. ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٣٤٤، والإنصاف ١١/ ٢٥٦
(٣) أخرجه مالك في موطئه ٢/ ١٣، وعبدالرزاق في مصنفه ٨/ ١٦٢، وصححه ابن الملقن في البدر المنير ٦/ ٥٥٧، وسيأتي لفظه بعد قليل.
(٤) استهما وتوخيا: قال الأزهري في تهذيب اللغة ٦/ ٨٤: «معنى قوله: استهما أي: اقترعا وتوخيا الحق فيما تضعانه وتقتسمانه، وليأخذ كل واحدٍ منكما ما تخرجه القسمة بالقرعة».
(٥) أخرجه أحمد في مسنده (٢٦٧٦٠) ٦/ ٣٢٠، وأبو داود في سننه (٣٥٨٤) ٣/ ٣٠١، وصحح إسناده الحاكم في مستدركه ٤/ ١٠٧.
(٦) سبق تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>