للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفت الرواية عن أحمد في عِلَّة الربا فيها، فأشهرُهنَّ أن عِلَّتَه في الذهب والفضه الوزن والجنس، وفي غيرهما الكيل والجنس (١)؛ لما روي عن عمار أنه قال: «العبد خير من العبدين، والثوب خير من الثوبين، فما كان يدًا بيدٍ فلا بأس به، إنما الربا في النَّساء، إلا ما كيل أو وُزن» (٢)، ولأنه لو كانت العلة الطَّعْم (٣) لجرى الربا بالماء لأنه مطعومٌ، قال الله سبحانه: ﴿وَمَنْ لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [البقرة: ٢٤٩]، فعلى هذا يَحرُم التفاضل في كلِّ مكيلٍ أو موزونٍ من جنسٍ، سواءٌ كان مطعومًا كالقِطنيات (٤) أو غير مطعومٍ كالأُشنان والحديد.

ويجري الربا فيما كان جنسه مكيلًا أو موزونًا وإن تَعذَّر الكيل فيه والوزن، إما لقلَّتِه كالتمرة والقَصْبَة (٥) وما دون الأُرْزَةِ من الذهب والفضة، وإما لعظمه كالزُّبْرَة (٦) العظيمة، وإما للعادة كلحم الطير؛ لأنه من جنسٍ فيه الربا فجرى فيه الربا كالزُّبْرَة العظيمة.

وما نُسج من القطن والكتان لا رِبا فيه، نص عليه (٧)؛ لحديث عمار .


(١) وهي رواية الجماعة عن الإمام، نقلها الميموني عن الإمام، قال القاضي: «وعليها شيوخ المذهب». ينظر: زاد المسافر ٤/ ١٧٩، والروايتين والوجهين ١/ ٣١٨.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٤/ ٣٠٤، وصححه الألباني في الإرواء ٥/ ١٩٤.
(٣) الطعم: بالفتح هو الأكل، والطعم بالضم: ما أكل. ينظر: لسان العرب ١٢/ ٣٦٤.
(٤) القطنيات: جمع قِطن بكسر القاف وفي لغة بضمها، وهو ما يدخر في البيوت من الحبوب ويقيم زمانًا كالعدس والباقلاء ونحوها. ينظر: المصباح المنير ٢/ ٥٠٩.
(٥) هكذا في نسخة المخطوط، والكلمة مضبوطة بالشكل إلا حرف الباء بلا إعجام، وفي الكافي ٣/ ٨١ قوله: (والقبضة)، والقصبة في لسان العرب ١/ ٦٧٤: «كل نبات كان ساقه أنابيب وكعوبًا»، والظاهر أن ما في الكافي هو الصواب، والكلمة مصحفة عن القبضة، وهي الطعام اليسير قدر ما تحمله اليد الواحدة، وهو ما يناسب معنى السياق والله أعلم. ينظر: الإنصاف ٨/ ٢٢٦.
(٦) الزبرة: هي قطعة الحديد، ومنه قوله تعالى على لسان ذي القرنين: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ [الكهف: ٩٦]. ينظر: لسان العرب ٤/ ٣١٥، والمطلع ص ٢٦٤.
(٧) لم أعثر عليها فيما وقفت عليه من كتب المسائل عن الإمام. ينظر: توثيق الرواية من الكافي ٣/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>