للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما عُمل من الحديد ونحوه إن كان يقصد وزنُهُ جرى فيه الربا؛ لأنه يقصد زِنَتُه فجرى فيه الربا كلحم الطير، وما لا يقصد زِنَتُه لا يجري فيه الربا كالثياب.

والرواية الثانية: العلة في الذهب والفضة الثَّمَنية غالبًا، وفيما عداهما كونه مطعومَ جنسٍ؛ لما روى معمر بن عبد الله (١): «أن النبي نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلًا بمثل» رواه مسلم (٢)، ولأنه لو كان الوزن علةً لم يجز إسلام النقد في الموزونات؛ لأن اجتماع المالين في أحد وصفي علة الربا يمنع النَّساء، بدليل إسلام المكيل في المكيل، فعلى هذه الرواية يحرم التفاضل في كل مطعومٍ بِيع بجنسه من الأقوات والآدام والفواكه والأدوية والأدهان المُطيِّبة وغيرها، وإن لم يكن مكيلًا ولا موزونًا كالبِطِّيخ والرُّمان والبيض ونحوها.

والرواية الثالثة: العله كونه مطعوم جنسٍ مكيلًا أو موزونًا (٣)؛ «لأن النبي نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلًا بمثل» (٤)، والمماثلة المعتبرة هي المماثلة في الكيل والوزن، فدَّل على أنه لا يحرم إلا في مطعومٍ يكالُ أو يوزن، ولا يحرم فيما لا يُطعم كالأُشنان والحديد، ولا فيما لا يكال كالبِطِّيخ والرُّمان. (٥)


(١) معمر بن عبد الله هو: ابن نضلة بن نافع القرشي العدوي، صحابي، أسلم قديمًا وهاجر الهجرتين، وروى عن النبي وعن عمر ، روى عنه: سعيد بن المسيب، وبشر بن سعيد، وعبد الرحمن بن جبير، وعبد الرحمن بن عقبة مولاه. ينظر: الاستيعاب ٣/ ١٤٣٤، والإصابة ٦/ ١٨٩.
(٢) صحيح مسلم (١٥٩٢) ٣/ ١٢١٣.
(٣) وذلك في رواية محمد بن الكحال. ينظر: الروايتين والوجهين ١/ ٣١٦.
(٤) سبق تخريجه قريبًا.
(٥) ما قرره المصنف في الرواية الأولى أن علة ربا الفضل هي ما كان في الجنس الواحد من كل مكيلٍ أو موزونٍ هو الصحيح من المذهب. ينظر: الكافي ٣/ ٨٠، والفروع ٦/ ٢٩٢، والإنصاف ١٢/ ١٦، وكشاف القناع ٨/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>