للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، روي عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا: «المراد به السَّلَم» (١)، ولأنه أحد نوعي البيع، فجاز أخذ الرَّهن بما في الذِّمة منه كبيوع الأعيان.

والثانية: لا يجوز، اختارها أبو بكر (٢)؛ لأن الرَّهن إن أُخِذَ برأس مال السَّلم فهو أَخذٌ للرَّهن بما ليس بواجبٍ ولا مآله إلى الوجوب، وإن أُخِذَ بالمسلم فيه فالرهن إنما يجوز بشيءٍ يمكن استيفاؤه من ثمن الرَّهن، والمسلم فيه لا يمكن استيفاؤه من ثمن الرَّهن ولا من ذمة الضامن، ولأنه لا يَأمن من هلاك الرَّهن في يده بعدوانٍ [بقبضه] (٣) مستوفيًا لحقِّه من غير المُسلَم فيه، وقد قال النبي : «من أسلَم في شيءٍ فلا يصرِفُه إلى غيره» رواه أبو داود (٤)، ولأنه يُقيم ما في ذِمَّة الضامن مقام ما في ذِمَّة المضمون عنه، فيكون في حكم أخذ العوض والبدل عنه، وهذا لا يجوز. (٥)

* * *


(١) تفسير الآية بالسلم مشهور عن ابن عباس ، أخرج الآثار عنه الطبري في تفسيره ٣/ ١١٦، وابن أبي شيبة في مصنفه ٤/ ٤٨١، وعبدالرزاق في مصنفه ٨/ ٥، وصححه الحاكم في مستدركه ٢/ ٣١٤، والأثر عن ابن عمر في تفسير الآية لم أجده.
(٢) لم أجد اختياره في زاد المسافر، والرواية عن الإمام فيما نقله المروذي وابن القاسم وأبو طالب، وتوثيق النقل عن أبي بكر من المغني ٤/ ٢٠٥، ونص المرداوي في الإنصاف ١٢/ ٣١٧ أن النقل عنه من كتابه التنبيه، وحكى القاضي في الروايتين والوجهين ١/ ٣٥٨ والزركشي في شرحه ٢/ ١٠٥ أن اختيار أبي بكر هو الجواز بناءً على رواية حنبل عن الإمام، والله أعلم بالصواب.
(٣) كذا في نسخة المخطوط (بقبضه)، وفي المغني ٤/ ٢٠٥، والشرح الكبير ١٢/ ٣١٦ (فيصير).
(٤) سبق تخريجه في المسألة [١٥٧/ ٧].
(٥) ما قرره المصنف من عدم جواز أخذ الرهن الكفيل على المسلم فيه هو المذهب. ينظر: المغني ٤/ ٢٠٥، والمبدع ٤/ ٢٠٢، والإنصاف ١٢/ ٣١٥، وكشاف القناع ٨/ ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>