للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو داود والأثرم (١): «أن النبي رأى رجلًا يصلي في ظهر قدمه لُمعةٌ قدر الدِّرهم لم يصبها الماء فأمره النبي أن يعيد الوضوء والصلاة» (٢)، قال الأثرم: «ذكر أبو عبد الله إسناد هذا الحديث، قلت له: إسنادٌ جيد؟ قال: نعم» (٣)، ولو لم تجب الموالاة أجزأه غسلها، ولأن النبي والى بين الغَسلِ (٤). (٥)

وقوله: (لا يؤخر غَسل عضو حتى ينشف الذي قبله) يعني في الزمان المعتدل. وقال ابن عقيل: «التَّفريق المبطل ما يَفحُش في العادة» (٦)؛ لأنه لم يُحَدَّ في الشرع، فرُجع فيه إلى العادة، كالتَّفرُّق والإحراز (٧).

فعلى هذا لو نَشَفتْ أعضاؤه لاشتغاله بواجبٍ في الطهارة أو مسنون لم يُعَدَّ تفريقًا، كما لو طوَّلَ أركان الصلاة، قال أحمد: «إذا كان في


(١) الأثرم هو: أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الطائي، البغدادي (٢٠٢ - ٢٩٦ هـ) الفقيه، الحافظ، صحب الإمام أحمد، وأقبل على مذهبه مشتغلًا به، وكان مرجعًا فيه، من تصانيفه: السنن، وعلل الحديث، والناسخ والمنسوخ في الحديث. ينظر: طبقات الحنابلة ١/ ٦٦، والمنتظم ١٣/ ٨٣، وتقريب التهذيب ص ٦٧.
(٢) سنن أبي داود (١٧٥) ١/ ٤٥، وليس في مطبوع سنن الأثرم، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده (١٥٥٣٤) ٣/ ٤٢٤، وصحح إسناده الإمام أحمد كما نقل المصنف، والنووي في خلاصة الأحكام ١/ ١١٤.
(٣) لم أجده في المطبوع من سنن الأثرم. ينظر: المغني ١/ ٩١، وشرح العمدة ١/ ١٩٢.
(٤) كما ذكر في صفة وضوئه في عدة أحاديث سبق تخريجها.
(٥) ما قرره المصنف في الرواية الثانية من وجوب الموالاة هو المذهب، وعليها رواية الجماعة. ينظر: المغني ١/ ٩٣، وشرح العمدة ١/ ١٩٢، والإنصاف ١/ ٣٠٢، وكشاف القناع ١/ ٢١٤.
(٦) لم أجده فيما وقفت عليه من كتبه. ينظر: توثيق قوله المغني ١/ ٩٤.
(٧) أي: كالتفرق الموجب لزوم البيع وسقوط الخيار سواء كان في الأبدان أو غيره، قال في المطلع ص ٢٣٦: «التفرق المسقط للخيار وهو تفرقها بحيث لو كلم أحدهما صاحبه الكلام المعتاد لم يسمعه»، والإحراز: قال في المطلع ص ٢٨٠: «أصله من الحرز: وهو بكسر الحاء المكان الحصين»، وهو الموجب للقطع لمن سرق منه في حد السرقة، والعبرة في صفة التفرق والإحراز هو العرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>