للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمعه بناءً على أذانه.

وقال أصحابنا: يُؤذِّنَ للفجر بعد نصف الليل؛ لما روى الأثرم عن ابن جابر (١) قال: «كان مؤذن مسجد دمشق (٢) يؤذن لصلاة الصبح في السحر بقدر ما يسير الراكبُ ستةَ أميالٍ أو نحوها قبل صلاة الصبح، قال: فلا ينكر ذلك مكحول، ولا يقول فيه شيئًا» (٣). (٤)

[٢٢٥/ ١٦] مسألة: (ويستحب أن يجلس بعد أذان المغرب جلسةً خفيفةً، ثم يقيم)؛ لما روى أبو هريرة عن النبي قال: «جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سُنَّةٌ» رواه تمّامٌ (٥) في


(١) لم يظهر لي بعد البحث اسمه، وفي المغني ١/ ٢٤٧: عن جابر، وفي طرح التثريب ٢/ ١٨٣ نقلًا عن المغني: أبي جابر!
(٢) مسجد دمشق هو: جامع بني أمية الكبير، وهو المسجد الذي أمر الوليد بن عبد الملك بتشييده في دمشق سنة سبع وثمانين من الهجرة، ولا يزال باقيًا إلى يومنا. ينظر: تاريخ الإسلام ٦/ ٢٧، ومنادمة الأطلال لابن بدران ص ٣٧٥.
(٣) لم أجد القول فيما وقفت عليه في المطبوع من كتب الأثرم، وينظر: توثيقه من المغني ١/ ٢٤٧.
(٤) سبق تقرير أن الصحيح من المذهب جواز الأذان قبل الفجر، وفي هذا الموضع يبين المصنف قدر الوقت الذي يجوز فيه تقديم الأذان، وما قرره المصنف من أن الوقت يمتد من نصف الليل هو الصحيح في المذهب، وعليه أكثر الحنابلة، وقيل: لا يصح التقديم إلا قبل الوقت يسيرًا. ينظر: الفروع ٢/ ٢٠، والإنصاف ٣/ ٨٨، وكشاف القناع ٢/ ٦٦.
وقال في شرح العمدة ٢/ ١١٨: «وليس عن أحمد نص في أول الوقت الذي يجوز فيه التأذين، إلا أن أصحابنا قالوا: يجوز بعد منتصف الليل كما تجوز الإفاضة من مزدلفة ورمي الجمرة والطواف وحلق الرأس بعد ذلك، قالوا: لأن النصف الثاني هو التابع لليوم الثاني، بخلاف الأول، ولأنه حينئذ يكون قد ذهب معظم الليل فيشبه ذهاب جميعه، ولأن النصف الأول وقت للعشاء في حال الاختيار، فلو جاز الأذان فيه لاشتبه على السامع الأذانان».
(٥) تمام هو: أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله بن الحافظ الرازي ثم الدمشقي (٣٣٠ - ٤٢٤ هـ)، كان والده من أعيان الرحالين الذين سكنوا دمشق وكتبوا كثيرًا، فحدث عن محمد بن أيوب بن الضريس البجلي، ومحمد بن جعفر القتات وغيرهما، وأسمع ولده تَمّامًا بدمشق واعتنى به، وسمع من أبيه، وخيثمة بن سليمان، والحسن بن حبيب الحصائري وغيرهم، قال الذهبي: «حدث عنه عبد الوهاب الكلابي وهو أحد شيوخه وأبو الحسين الميداني، وعبد العزيز الكتاني» وقال عنه: «كان ثقةً حافظًا لم أر أحفظ منه في حديث الشاميين، من تصانيفه الفوائد في مجلدة انتقاء من يدري الحديث». ينظر: تاريخ دمشق ١١/ ٤٣، وسير أعلام النبلاء ١٧/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>