للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها ونهيها وأحكامها» (١)، فكان أقرؤهم أفقههم.

قلنا: اللفظ عامٌّ في كل من هو أقرأ، فيجب حمله على عمومه ما لم يقم دليل تخصيصه، على أن في الحديث ما يبطل هذا التأويل، فإن النبي فاضل بينهم في العلم بالسنة مع تساويهم في القراءة، ولو كان يقدم القارئ لزيادة علمه لما نقلهم عند التساوي فيه إلى تقديم الأعلم، وقد قال : «أقرؤكم أُبي، وأقضاكم علي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضكم زيد بن ثابت» (٢)، فقد فضل بالفقه من هو مفضولٌ بالقراءة.

قيل لأحمد: «حديث النبي : «مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس» (٣) أهو خلاف حديث ابن مسعود؟ قال: لا، إنما قوله لأبي بكرٍ عندي يصلي بالناس للخلافة» (٤) يعني: أنه أراد أن الخليفة أحق بالإمامة، وإن


(١) أخرجه الطبري في تفسيره ١/ ٣٥. واستدل به ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦٥.
(٢) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، وقد أخرجه بنحوه أحمد في مسنده من حديث أبي قلابة عن أنس ولفظه: «أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» (١٢٩٢٧) ٣/ ١٨٤، والترمذي في جامعه (٣٧٩١) ٥/ ٦٦٥، وابن ماجه في سننه (١٥٤) ١/ ٥٥، وقال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ»، وصححه ابن حبان في صحيحه ١٦/ ٧٤، والحاكم في مستدركه ٣/ ٤٧٧ وقال: «هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، وإنما اتفقا بإسناده هذا على ذكر أبي عبيدة فقط»، ولأهل العلم كلامٌ طويلٌ حول رواية أبي قلابة عن أنس في هذا الحديث خاصة، منهم من يوصلها ومنهم من يحكم بانقطاعها. ينظر: بيان الوهم والإيهام ٥/ ٤٢٥، ومجموع الفتاوى ٤/ ٤٠٨، والبدر المنير ٧/ ١٩٠، والتلخيص الحبير ٣/ ٧٩.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة (٦٣٣) ١/ ٢٣٦، وصحيح مسلم (٤١٨) ١/ ٣١٣.
(٤) وذلك في رواية الأثرم عنه نقلها ابن عبد البر في التمهيد ٢٢/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>