للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيرة بين تقديم الثانية فيصليها مع الأولى، وبين تأخير الأولى إلى الثانية؛ لما روى معاذ «أن النبي كان إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أَخَّرَ الظهر حتى يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم سار، فإذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عَجَّل العشاء فصَلّاها مع المغرب» قال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ» (١)، وروى أنس نحوه أخرجه البخاري (٢)، ولأنها رخصةٌ من رخص السفر، فلم يعتبر فيها وجود السَّير كسائر رخصه.

(و) الأمر الثاني: (المرض الذي يلحقه بترك الجمع فيه مشقةٌ وضعفٌ)؛ لأن ابن عباس قال: «جمع رسول الله بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوفٍ ولا مطرٍ» متفقٌ عليه (٣)، وقد أجمعنا على أن الجمع لا يجوز لغير عذرٍ، ولم يبقَ إلا المرض، ولأن النبي أمر سَهلة بنت سُهيل (٤) وحمنة بنت جحش بالجمع بين الصلاتين لأجل الاستحاضة (٥)، وهي نوع مرضٍ. (٦)


(١) جامع الترمذي (٥٥٣) ٢/ ٤٣٨، كما أخرج الحديث أحمد في مسنده (٢٢١٤٧) ٥/ ٢٤١، وأبو داود في سننه (١٢٢٠) ٢/ ٧، وصححه غير الترمذي ابن حبان في صحيحه ٦/ ٤٦٥.
(٢) سبق تخريجه في أول الفصل.
(٣) لم أجد الحديث في صحيح البخاري، وهو في صحيح مسلم (٧٠٥) ١/ ٤٩٠.
(٤) سهلة بنت سهيل هي: بنت سهيل بن عمرو القرشية العامرية، صحابية، أسلمت قديمًا، وهاجرت مع زوجها أبي حذيفة بن عتبة إلى الحبشة، فولدت له هناك محمد ابن أبي حذيفة . ينظر: طبقات ابن سعد ٨/ ٢٧٠، والإصابة ٧/ ٧١٦.
(٥) حديث سهلة بنت سهيل أخرجه أبو داود عن عائشة في سننه (٢٩٥) ١/ ٧٩، قال الألباني في كتاب ضعيف سنن أبي داود: «إسناده ضعيف؛ من أجل عنعنة ابن إسحاق؛ فإنه مدلس، وقد قيل: إنه وهم في تسمية المستحاضة، وأصل الحديث صحيح، تابعه عليه شعبة وابن عيينة؛ دون التسمية، ودون قوله: فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك».
وأما حديث حمنة فقد سبق تخريجه في المسألة [١٨٤/ ١٨].
(٦) ما قرره المصنف هو الصحيح من المذهب، والرواية الثانية: لا يصح الجمع لأجل المرض. ينظر: الكافي ١/ ٤٦٠، والفروع ٣/ ١٠٤، والإنصاف ٥/ ٨٩، وكشاف القناع ٣/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>