للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مُخيَّرٌ في التقديم والتأخير، أيَّ ذلك فعل جاز؛ لأن النبي كان يُقدِّم إذا ارتحل بعد دخول الوقت ويؤخر إذا ارتحل قبله طلبًا للأسهل (١)، وكذلك المريض، وإن كان الجميع عنده واحدًا، فالأفضل التأخير (٢).

الأمر الثالث: (المطر الذي يَبُل الثياب، يبيح الجمع بين المغرب والعشاء خاصةً (٣)؛ لأن أبا سلمة (٤) قال: «من السُّنَّةِ إذا كان في يوم مطرٍ أن يجمع بين المغرب والعشاء» (٥)، وكان ابن عمر «يجمع إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء، ولا يجمع بين الظهر والعصر للمطر» (٦).

وذكر بعض أصحابنا وجهًا في جواز الجمع بين الظهر والعصر قياسًا على صلاة الليل، ولا يصح؛ لأن المشقة في المطر إنما تعظم في الليل لظلمته فلا يقاس عليه غيره، والثلج كالمطر في هذا. (٧)

فأما الطَّل والمطر الذي لا يبل الثياب فلا يبيح الجمع؛ لعدم المشقة فيه.


(١) سبق تقرير ذلك في أول الفصل من حديث أنس ومعاذ .
(٢) وهي نصوص رواية الإمام أحمد في مسائل عبدالله ١/ ١١٦، ومسائل الكوسج ١/ ١١٤ وغيرهما.
(٣) في المطبوع من المقنع ص ٦٥ زيادة قوله: (في أصح الوجهين)، وقد ضمنهما المصنف المسألة.
(٤) أبو سلمة هو: ابن عبدالرحمن بن عوف ، وقد سبقت ترجمته.
(٥) عزاه ابن عبدالبر في التمهيد ١٢/ ٢١٢ إلى مسند أبي عوانة، وبالبحث عنه لم أجده.
(٦) رواه مالك في موطئه عن نافع ١/ ١٤٥، قلت: وسلسلة مالك عن نافع عن ابن عمر من أشهر سلاسل الأحاديث صحة.
(٧) ما قرره المصنف في الوجه الأول هو الصحيح من المذهب. ينظر: الكافي ١/ ٤٥٩، والإنصاف ٥/ ٩٣، وكشاف القناع ٣/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>